أنهى مجلس الوزراء السجال حول إقرار سلفة خزينة لتمويل شراء فيول أويل وغاز أويل لإنتاج الكهرباء، بالإضافة إلى تمويل بعض المصاريف المترتّبة على مؤسسة كهرباء لبنان. ومع ذلك، لم تُفَرَّغ شحنات الغاز أويل المنتظرة في البحر. فثمّة ما يُعيق العملية. وهذه المرّة، مفتاح الحلّ ليس مجلس الوزراء، بل وزارة المالية وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فوفق وزير الطاقة وليد فيّاض، لم يُصدِر الحاكم "رسالة الضمانات" التي تؤكّد للشركة المورِّدة أن الدولة تضمن مستحقاتها عبر دفعها سلفة الخزينة بقيمة 62 مليون دولار.
تعقيدات تؤخِّر التفريغ والإنتاج
تخطَّت وزارة الطاقة معضلة الموافقة على إقرار السلفة ولم يعد مجدياً التفاهم حول أحقيّة إقرارها بموافقة استثنائية أم عبر مجلس الوزراء. لتظهر الرسالة المنتَظَر أن "يطلب وزير المال من حاكمية مصرف لبنان إصدارها"، بحسب فيّاض الذي أوضح أن مغزى الرسالة هو "ضمان حق المورِّد شركة Vitol Bahrain مع الدولة. وفور الحصول على تلك الرسالة، تباشر باخرتا الغاز أويل التّفريغ، ويبدأ المواطنون بالشّعور بزيادة في التّغذية الكهربائيّة بعد يومين، على أن يصدر بعدها خطاب الائتمان لإفراغ باخرتَي الفيول أويل Grade A وGrade B" كما كتبت صحيفة "المدن".
وفي وقت لاحق من بعض ظهر يوم الثلاثاء 24 كانون الأول، أرسل وزير المالية يوسف خليل إلى مصرف لبنان كتاب طلب فتح الاعتماد المستندي لصالح شركة Vitol Bahrain على أن يتم تسديد هذا الاعتماد بالدولار بعد ستة أشهر، من حساب الخزينة المفتوح لدى مصرف لبنان. وكتاباً آخر طلب فيه تمديد الاعتماد المستندي المقترح لصالح شركة تسويق النفط العراقية SOMO تنفيذاً لإتفاقية بيع مادة زيت الوقود بين لبنان والعراق. ولم ترسل وزارة المال إلى مصرف لبنان المعاملات المتعلّقة بسلفة الخزينة لصيانة معامل الإنتاج وقيمتها 54 مليون دولار.
وبذلك، يبقى في الملف عقبات أخرى مع انتظار قرار اللجنة الوزارية الخاصة التي تشكَّلَت بقرار مجلس الوزراء في جلسة إقرار السلفة يوم الأربعاء 18 كانون الأول. لكن فيّاض يجزم أنه طالب بـ"التئام اللجنة.. وتمَّت الموافقة".
نوعٌ آخر من العقبات يُتَوَقَّع بروزها، وتكمن في نوعية الفيول أويل، المنتظر توريده وإفراغه في محطّتي توليد الطاقة في معمليّ الزوق والجيّة الجديدين. وبحسب مدير شركة MEP المشغّلة للمعملين، يحيى مولود، فإن "الشركة لم تتبلَّغ رسمياً بأي أمر يتعلّق بالشحنة". وفي حديث لـ"المدن"، يجزم مولود أن "الشركة ستُجري اختبارات على العيّنات قبل تشغيل المعامل بها. والشركة لا تثق بأي فحوصات لم تقم هي بها، وبالتالي لن تستلم أي شحنات غير خاضعة لفحوصاتها".
وعليه، قد ترفض الشركة المشغِّلة الشحنة في حال تبيَّن عدم مطابقتها للمواصفات المطلوبة. وذلك يؤخِّر زيادة الكهرباء ويُبرِز معضلة شراء كميات بديلة مع دفع ثمن الشحنة المتضرّرة بسبب تأخير التفريغ.
الغرامات باقية
تأخير تفريغ الشحنات، ولأي سبب كان، راكَمَ حجم الغرامات المستَحَقَّة على الدولة. واللافت، أن المبلغ المطلوب "يتم التستُّر عليه ولا يُكشَف عنه للرأي العام، بعد أن كانت أرقامه معلَنة من قِبَل وزارة الطاقة"، تقول مصادر متابعة للملف، في حديث لـ"المدن".
وتستند المصادر في موقفها هذا، إلى أن "وزير الطاقة أعلن مطلع الشهر الجاري، أن قيمة الغرامات هي بنحو 300 ألف دولار. ولاحقاً، وصل الرقم إلى ما يفوق المليون دولار، ووقَفَ الوزير عند هذا الرقم، علماً أنه أورده في اجتماع لجنة الأشغال، ثم في مؤتمره الصحافي الأسبوع الماضي، وبقي عليه حتى الآن".
وتجدر الإشارة إلى أن احتساب الغرامات انطلاقاً من المليون دولار التي أعلنها الوزير، يعني أنها فاقت المليون و600 ألف دولار على الأقل، باحتساب 72 ألف دولار كغرامة يومية على 4 شحنات.
ولا يجد فيّاض مسألة الغرامات أمراً مقلقاً. إذ سيتولّى عملية التفاوض مع شركة Vitol Bahrain ما إن تُرسِل فواتيرها إلى الوزارة، وذلك "سيستغرق وقتاً". علماً أن الشركة "لم تطلب التسديد بعد".
استسهال الحديث عن الغرامات والتفاوض مع الشركة حولها وعدم حسم هوية الجهة التي ستدفعها فيما لو أصرَّت الشركة عليها، "يثير الريبة". وتتخوَّف المصادر من أن "تدفعها الدولة، وليس مَن استعجَل طلب البواخر مع علمه بالغرامات في ظل عدم جهوزية السلفة".
ولكشف التفاصيل والتأكيد على شفافية الملف "طلبت هيئة الشراء العام بعض المستندات من وزارة الطاقة، لكنها لم تقدّمها حتى الآن. وبما أن الهيئة لا صلاحية لها لوقف الصفقة، لأن صلاحياتها رقابية فقط، ستواصل طلب ما يلزم".
يكرّر فيّاض أن "المشكلة الأكبر ليست في الغرامات، بل في التمكّن من إدخال البواخر لزيادة التّغذية". وفي حال سارت الأمور كما يشتهي، ستتحسّن التغذية بمعدّل ساعتين في الشهر، ثم تزيد وصولاً إلى نحو 4 أو 5 ساعات بين شهريّ أيار وحزيران. والتحسُّن سيستمر بالتزامن مع أعمال شركات مقدّمي الخدمات التي ستقوم بإزالة التعدّيات بمؤازرة القوى الأمنية، وذلك بعد استلامها الأموال من ضمن مبلغ 54 مليون دولار الذي أقر في السلفة.
المدن
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.