تتفاقم ظاهرة استغلال الأطفال من قبل ذويهم على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتيح ربحا من خلال البث المباشر وعدد المشاهدات، خصوصا منصة تيك توك.
وأحدث تلك الأمثلة لاستغلال الأطفال على المنصة كان لسيدة مصرية زعمت في فيديو إقامة ابنها علاقة جنسية مع أخته، واستنطقت صغيرين من أشقائهما على رؤيتهما للواقعة عبر بث مباشر على تيك توك.
وأمرت النيابة العامة المصرية بحبس صاحبة قناة التيك توك وتدعى "أم زياد" بتهمة الاتجار بالبشر، وتزامن ذلك مع تلقي النيابة العامة بلاغا حول الواقعة من "المجلس القومي للطفولة والأمومة" في مصر.
وحسب بلاغ المجلس القومي للطفولة والأمومة فإن المتهمة "تثير شبهة جريمة هتك العرض والاتجار بالبشر باستغلال الأطفال لجذب المشاهدين وتحقيق الربح من رفع نسب المشاهدة، ما يعرضهم للخطر".
وطرحت هذه الواقعة موجة ردود أفعال على مواقع التواصل الاجتماعي، تدين انتهاك الأم لحقوق الطفل وتعريضهم للتشهير بهذا الشكل الأمر الذي ربما يعرضهم لاضطرابات نفسية خطرة.
وعلى تيك توك حسابات كثيرة لأهالٍ يعرضون فيديوهات لحياتهم مع أطفالهم، ويعرضون القاصرين في فيديوهات مباشرة ومصورة مسبقا بغية تحقيق أرباح مالية وشهرة.
ومن الظواهر المنتشرة أيضا عبر التطبيق أم أو أب يظهرون في بث مباشر على تيك توك مع أطفالهم ويتحدثون عن وضعهم المالي السيئ طالبين تبرعات من المشاهدين.
وبإمكان مشاهدي البث المباشر إرسال هدايا لصاحب الحساب يمكن تحويلها إلى مبالغ مادية عبر تحويلات مالية من الشركة مباشرة.
وفي حين أن سياسة الخصوصية لدى تيك توك تنص على أنه يجوز للمنصة حظر الحسابات نهائيا لدى اكتشاف انتهاكات لإرشادات المجتمع وشروط الخدمة مثل عدم استيفاء الحد الأدنى للسن (18 عاما) أو النشر عن استغلال الشباب أو مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال أو نشر محتوى يصور أفعالا جنسية بالعنف أو الترويج لها مثل الاغتصاب أو التحرش، إلا أن الممارسات التي تظهر في دول عربية على المنصة تطرح علامات استفهام حول التزام تيك توك بسياسة خصوصيتها المتعلقة بالأطفال والمحتوى الجنسي.
وإلى حين نشر هذا التقرير، لم ترد تيك توك على سؤال موقع "الحرة" حول كيفية التزامها بسياسة الخصوصية المتعلقة بالأطفال وحماية القاصرين من الانتهاكات التي تحصل بحقهم عبر المنصة.
أما عن الانعكاسات النفسية على الأطفال بعد تصوير الأهل لهم بمقاطع فيديو بشكل متكرر بغية تحقيق الأرباح، فتلفت الاختصاصية النفسية والاجتماعية، ريما بجاني، في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "تعريض الأطفال لموافق أكبر من عمرهم، مثل الظهور بمقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي، هو أمر بغاية الخطورة".
"خصوصا أنه في عمر الطفولة من المفترض أن تبنى شخصية وأفكار وذهن هذا الطفل. فمنذ الولادة حتى عمر العاشرة يبنى الطفل كل إدراكه وأفكاره وشخصيته ويتلقى الكثير من هذه الأمور من أهله، ولاحقا في عمر المراهقة يطور شخصيته أكثر بالاستناد على طفولته"، حسب بجاني.
وتضيف أنه "من خلال تصور الأطفال ونشر مقاطعهم على تيك توك، قبل نمو شخصيتهم بالشكل المناسب، وقبل تميزهم لانفعالاتهم وميولهم، يضعهم الأهل في مواقف تؤثر سلبا على بنيتهم."
وتتابع أنه "من خلال هذه المقاطع أو الظهور المباشر، يستغل الأهل أولادهم. فإذا كنا بالسابق نحذر من النشر المفرط لصور الأطفال، فماذا عن نشر مقاطع فيديو والظهور المباشر؟، فهذا انتهاك خطر للحرية الشخصية للطفل".
وتشرح بجاني أن "الأهل يعتبرون أن الولد بعمر صغير ليس لديه رأي، لكن هذا الأمر غير صحيح، فمن حق الطفل رفض هذا الظهور".
وتوضح أنه "من خلال هذه المقاطع، يستغل الأهل أولادهم نفسيا، وربما يتعرض الطفل لانفعالات كثيرة عندما يكبر أكثر ويدرك المواقف التي وضع بها بسبب أهله"، وتحذر بجاني أن "الأسوأ من ذلك هو تعليم الطفل هذه الطريقة الخاطئة للحصول على مدخول، وهذا السلوك ينتج شخص يعتاد على الربح السريع والكسل".
"إضافة إلى ذلك، فإن ظهور الأطفال بمقاطع مصورة يعرضهم لانتهاكات جنسية وتحرش من قبل بعض المشاهدين، الذين يمكنهم استخدام صورهم في مواقف جنسية، خصوصا من لديه أمراض نفسية وبيدوفيليا"، وفق بجاني.
وتلفت إلى أن "ما ارتكبته الأم المصرية يرقى إلى رتبة خطيئة كبرى"، موضحة أنه "استغلال لحياة أطفالها بشكل ممكن أن يسبب اضطرابات نفسية لهم، وتوجه من خلال ذلك أطفالها نحو أفكار جنسية منحرفة".
وتقول بجاني أن "تيك توك يتيح للكثير من الأمهات والآباء تربية أولادهم بشكل خاطئ وتعريض أطفالهم لاضطرابات نفسية كثيرة"، مشيرة إلى أنه "في الكثير من الأحيان يكون الأولاد معرضين لهذا الظهور قسريا جراء السلطة الأبوية التي تمارس عليهم".
وتوضح أنه "من هنا أهمية وضرورة تشديد الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك على الفرد والمؤسسات الاجتماعية التبليغ عن انتهاكات مماثلة، وتوعية الأولاد لرفض أي انتهاكات تمارس عليهم ورفض الخيارات الخاطئة التي يفرضها عليهم الأهل بسبب السلطة الأبوية".
المصدر: الحرة
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.