يُعتبر نجم «سهيل» من أكثر النجوم التي اهتم بها الناس منذ قديم الزمن في الجزيرة العربية؛ حيث إن شروقه بالأفق الجنوبي فجراً، يشير إلى بداية العد التنازلي لفصل الصيف بالمنطقة. ويتم رصد هذا النجم بالعين المجردة من جنوب الجزيرة العربية وحتى منتصفها في 24 أغسطس/آب من كل عام.
من العلامات المتزامنة مع ظهور نجم سهيل تراجع زاوية سقوط أشعة الشمس، ويبدأ النهار يقصر تدريجياً ويبرد آخر الليل بشكل ملموس، وتبدأ الشمس تميل نحو الجنوب، بعد أن كانت عمودية بداية فصل الصيف، لذلك كان العرب يستبشرون بطلوع هذا النجم.
ويعدّ، الثلاثاء، 15 أغسطس/آب هو أول أيام موسم «سهيل» لدى أهل التقويم؛ حيث ستبدأ ملاحظة ملامح انحسار القيظ وانكسار درجات الحرارة، وبدء تحسن الأجواء وبداية الموسم الزراعي. علماً بأن النجم سهيل يشاهد فجراً ابتداءً من 24 أغسطس/آب في وسط الجزيرة العربية. وبعد نحو 45 يوماً سيتساوى الليل بالنهار في حدود 2 أكتوبر/تشرين الأول، حيث ستحل أجواء الاعتدال تدريجياً.
من الطرفة إلى الصرفة
وينقسم نجم سهيل في منطقة الخليج إلى أربعة منازل، تبدأ ب(الطرفة) ومدتها 13 يوماً، وهي آخر نجوم الصيف، ويصبح معها الطقس لطيفاً ليلاً مع بقاء الحرارة في ساعات النهار، ثم (الجبهة) وتمتد لمدة 13 يوماً، وهي أول نجوم فصل الخريف ويبرد الليل فيها ويتحسن الطقس نهاراً، ثم (الزبرة) وتستمر لمدة 13 يوماً وفيها تزداد برودة الليل، ثم (الصرفة) وهي آخر نجوم سهيل، وتمتد لمدة 13 يوماً، وسميت بذلك لانصراف الحر عند طلوعها.
313 سنة ضوئية
ويبعد نجم سهيل عن الكرة الأرضية مسافة 313 سنة ضوئية، وهو ألمع نجم ضمن مجموعة نجوم «كارينا» القاعدة الجنوبية، وثاني ألمع نجم في الليل بعد الشعرى اليمانية. ولا يوجد لنجم سهيل تأثير على أحوال الطقس لا من قريب ولا من بعيد، مثل غيره من النجوم، وإنما هذا النجم مجرد علامة فقط، يتزامن ظهوره مع بداية التغير الفصلي، والانتقال نحو الاعتدال الخريفي.
حساب النجوم
ويهتم أبناء الجزيرة العربية منذ القدم بمطالع النجوم والنظر فيها ومعرفة منازلها؛ لارتباطها بحياتهم اليومية في الليل والنهار، فهم يعرفون من خلالها دخول فصول السنة وأوقات نزول الأمطار، وأوقات البرد والحر، ومن خلال حساب النجوم يعرف أهل القرى والفلاحون متى يحرثون أراضيهم، ومتى يبذرون استعداداً لنزول المطر، وأهل البر يعرفون مواسم الرعي والسفر، ويعرف أهل البحر مواسم الصيد البحري والسفر.
موسم الصفرية
ومع طلوع النجم سهيل يبدأ موسم الصفرية أو «لصفري» كما ينطق محلياً، ففي بداية طلوعه تكون 40 يوماً لا يستقر الجو فيها على حرارة أو اعتدال، ثم تستقر الأجواء المعتدلة بدءاً من منتصف أكتوبر؛ حيث يحل موسم الوسم، فيما يدخل الشتاء بعد طلوع سهيل بقرابة 100 يوم.
البشير اليماني
ونجم سهيل الذي تستبشر بطلوعه العرب بجلاء القيظ وشدة الحر وإقبال الربيع والمطر، هو من ألمع نجوم السماء، وسهيل عند العرب، هو «البشير اليماني»، وله عندهم عدة أسماء، فهم يسمونه نجم اليمن، ويسمونه سهيل اليماني أيضاً، وسبب نسبته إلى اليمن كونه يطلع من جهة الجنوب، ويظهر مقابلاً للنجم القطبي الشمالي، فهو يشير إلى جهة الجنوب، أما القطب الجنوبي نفسه فلا يظهر في سماء الإمارات، وعلى كل حال لا يوجد نجم معين يدل على اتجاه النجم الجنوبي، كما هو الحال في القطب الشمالي.
أجواء مثالية
ويرصد النجم في أول طلوعه فجراً، قبل شروق الشمس بنحو نصف ساعة إلى ساعة، ويميل النجم سهيل عند طلوعه نحو الاتجاه الجنوبي الشرقي. ونظراً لوقوع الجزيرة العربية على حدود 12.5 درجة شمالاً، جنوب اليمن، إلى 30 درجة شمالاً عند العراق، وتقع الإمارات على دائرة عرض 25 درجة شمالاً في المتوسط عند وسط الجزيرة العربية، وبناء على الحسابات الفلكية، فإن نجم سهيل يكون وقت طلوعه مقترناً بوقت طلوع الشمس في الإمارات بتاريخ 11 / 12 أغسطس، أي أنه يكون مماساً للأفق الجنوبي ذلك الوقت، ولا يمكن رؤيته في هذا التاريخ أو قبله، ثم يتقدم عن الشمس حتى يصل إلى ارتفاع 5 درجات فوق الأفق الجنوبي عند طلوع الشمس، وهي أقل مسافة عن الشمس للنجم المرئي، وذاك فجر 24 أغسطس، ويكون بعد هذا الوقت مرئياً عند الشفق الصباحي قبل طلوع الشمس بمدة لا تقل عن 20 دقيقة، وذلك عند أجواء الرصد المثالية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.