ألفاريز ومارسال

مازن عبّود - اوكسيجين النهار

‏"هذه الحقيقة او هذه المصداقية فضيلة. قول الحقيقة فعل جيد: ‏الفضيلة تجعل صاحبها صالحًا، وتجعل عمله جيدًا".‏

توماس اكويناس

João César das Neves and Antonino ‎Vaccaro(2013‎‏) ارتكزا على توما الأكويني "بيان ‏الحقيقة" واعتبرا الشفافية ركن المسؤولية الاجتماعية ‏للشركات (‏CSR‏). وبانّ للمالكين والشركاء حقوق الحصول ‏على معلومات صحيحة لبناء قرارات، فلا تفشل الاسواق. ‏الفايننشال تايمز عنونت رياض سلامة الساحر الذي سرق ‏لبنان.‏

تكلم الاكويني عن ارتباط الشفافية بحسن النية، وكشف الحقيقة ‏اخلاقي يعكس جودة معلومات محايدة اخلاقيا. فالحقيقة هي ‏المثالية التنظيمية. والمسافة بين المعلومات والحقيقة تقاس ‏بالاكتمال والملاءمة. والمعلومات الكاملة وذات الصلة وحدها ‏تضمنها. ‏

اما الصدق بالنسبة اليه ففضيلة تلزم لإحقاق العدالة. والإفصاح ‏عن المعلومات اللازمة والمناسبة فضيلة. تكلم عن رذائل ‏تعارض الحقيقة كالكذب، والاخفاء او النفاق، والتباهي ‏والسخرية. حكم على الجودة الاخلاقية للأفعال من عدسة ‏ثلاثية الابعاد: الكائن والنية والظرف. ودعا الى عدم نشر ‏معلومات خاطئة. فالمعلومات تعزز الصدق وتحافظ على ‏الثقة التي تنظم المجتمعات فيعيش الناس سوية. "بيان ‏الحقيقة" وتعزيز فضيلة الصدق واجب اخلاقي. ‏

الا انه قدم معايير لتنظيم الكشف عن المعلومات تراعي ‏الحشمة في كشف ما يلزم فقط لتعزيز الخير العام. ادان نشر ‏معلومات باطلة مهما كان الظرف. لا يجب ان يؤدي الكشف ‏الى عواقب سلبية على المتلقين، فيتصرفون بشكل غير ‏اخلاقي. فثمة مؤشرات عامة حول أنواع المعلومات التي ‏يكشف عنها تحت اي ظرف. الإفصاح عن المعلومات يجب ‏ان يكون للخير العام. وتوفر المعلومات ضرورة لفعالية ‏السوق. لذا، فالاحتفاظ ببعض المعلومات ضرورة عندما ‏يكون نشرها غير اخلاقي. ودعا الى تبادل المعلومات لضمان ‏العدالة الاجتماعية. في عالم اليوم ثمة تزاوج ما بين الجهة ‏الناظمة للسوق والمجتمع المدني لتفعيل الشفافية الديناميكية. ‏

أسوأ ما كشفه "ألفاريز ومارسال" ليس "سوء إدارة" المصرف ‏بل اعلان معلومات واعدادميزانياتمضللة تبالغفياظهارأرباح ‏واصولورقية واخفاء خسائر كبرى واقعية، فتضلل السوق. ‏المشكلة ليست فقط في الفساد بل في انتهاك القواعد الأخلاقية ‏للشفافية. طبعا، ليس المصرف المركزي ملزما بالإفصاح عن ‏المعلومات التي تمس بالأمن النقدي. فيستثمر المضاربون في ‏نقاط الضعف. لكنه ملزم بعدم نشر معلومات مضللة. ثمّ ‏فانّ نظام محاسبة لإعداد الميزانية يجب ان يتمتع بالثبات ‏ويتوافق مع قانون النقد والتسليف والمعايير المحاسبية ‏والإجراءات المثلى ويحظى بموافقة المجلس المركزي. ‏أرباح مصرف لبنان دفترية وليست اقتصادية. ‏

الازمة ليست في الانفاق الإعلامي المبالغ فيه، بل في رسمه ‏صورة تجافي الواقع. استعمالات الأموال لم تضمن دوما ‏الاستقرار النقدي. ثمة اختلالات في تقرير لم يشر الى اكلاف ‏تضخيم حجم ميزان الموجودات الخارجية لإظهار ميزان ‏مدفوعات ايجابي. تطرق الى "فوري" و330 مليون دولار ‏ولم يتطرق الى ‏Optimum invest‏ والمليار. انتقد اقتناء ‏مصرف لبنان للوحات فنية، وسيلة تعتمد لزيادة قيمة ‏الموجودات لدى البنوك. لم يدقق في نفقات سفر ما حصلت، ‏او في سوء توظيف القروض المدعومة. أغفل معالجةبيع ‏وشراءسندات خزينة ودفع الفوائد بدون حسيب او رقيب ‏وغياب لوزارة المال لعقود. لكنه لم يغفل اكلاف الهندسات ‏المالية الباهظة والكهرباء.‏

صفحة سلامة طويت مع كل تجلياتها وسقطاتها. وتبيّن انّ ‏الدعم الأمريكي هو لموقع الحاكم فقط باعتباره يحمل صاعقا. ‏طويت صفحة قراءتها تظهرهشاشة ابعد من الحكم. لذا، ‏فالمطلوب اليوم العمل لإعادة السياسة النقدية الى ضوابطها ‏واركان مجتمع الى اخلاقياتهم!‏