دَخَلَ لبنان أسبوعاً يطغى عليه العنوانُ الأمني بامتياز، على جبهة التجديد «الوعر» لقوة «اليونيفيل» العاملة في الجنوب، كما على صعيد استيقاظ ملف التخريب أو الإرهاب في الداخل بأدواتٍ خارجية، فيما تبقى الأزمة الرئاسية في «غفوةٍ» يُخشى أن تتمدّد لِما بعد إطفاء الفراغ في القصر الجمهوري «شمعته الأولى» (1 تشرين الثاني المقبل) فيمرّ شتاء جديد والاستحقاقُ – المفتاحُ في الواقع اللبناني في وضعية «سبات الدببة» وفقا ل"الراي الكويتية".
ولم يكن عابراً أن ترتسم على مشارف جلسة تمديد ولاية «اليونيفيل» التي يعقدها مجلس الأمن الدولي نهاية الشهر الجاري كل معالم «حقل الألغام» الذي سبق أن أضاءتْ عليه «الراي» والذي بات يتمحور بين حدّيْن متقابليْن قد يشكّلان مدخلاً لـ«توازنٍ سلبي» يُبْقي القديم على قدمه (وفق مندرجات قرار التجديد الذي صدر في 2022) في ما خص تفويض القوة الدولة ومنْحها حرية العمل والحركة داخل أرض القرار 1701 (جنوب الليطاني) من دون تنسيق مع الحكومة اللبنانية ممثلة بالجيش.
وشكّلت اللقاءات المكثفة التي يعقدها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب في نيويورك مع ممثلي بعثات عربية وغربية مسرحاً كشف «بلا أيّ ستائر» ما يُعدّ في كواليس التجديد لـ «اليونيفيل» التي تتواجد في جنوب لبنان منذ مارس 1978 وتم توسيع ولايتها في القرار 1701 بعد حرب تموز 2006 بين اسرائيل و«حزب الله» والذي يهدف إلى ضمان بيئة سليمة وآمنة في جنوب لبنان و«إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أيّ أفراد مسلحين وموجودات وأسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان واليونيفيل».
وأول «الألغام» عبّرت عنه محادثات بوحبيب مع ممثلة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة السفيرة ليندا توماس غرينفيلد والتي أشار إليها الناطق باسم بعثة الولايات المتحدة نايت إيفنز بكشفه أن «السفيرة شددت على دعم بلادها لضمان تفويض قوي من مجلس الأمن يُمدّد لقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان حتى تتمكّن من القيام بمهامها»، وأنها رحّبت «بتركيز لبنان على سلامة قوات حفظ السلام الأممية، بما في ذلك من خلال التعاون الوثيق بين القوات المسلحة اللبنانية واليونيفيل»، وشدّدت على «أن جزءاً من مناقشات تجديد التفويض يتطلب معالجة أنشطة جمعية أخضر بلا حدود التي أدرجتها الولايات المتحدة على لائحة العقوبات أخيراً لتقديمها الدعم والغطاء لعمليات حزب الله في جنوب لبنان على طول الخط الأزرق».
وثاني الألغام جاء على لسان بوحبيب نفسه الذي كشف بعد اطلاعه على مسودة مشروع القرار المطروحة في مجلس الامن حول ولاية «اليونيفيل» عن محاولات لنقل القرار 1701 من الفصل السادس إلى السابع، إذ لفت إلى أن «تجديد ولاية القوة الدولية في الجنوب، يأتي بناءً على طلب من الحكومة اللبنانية»، مشدداً على «رفض لبنان نقل ولاية«اليونيفيل»من الفصل السادس، وفق قرار مجلس الأمن 1701 الذي يدعو إلى حل النزاع بالطرق السلمية، إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على فرض القرار بالقوة».
وبحسب بيان صدر عن الخارجية اللبنانية فإن «تجديد ولاية اليونيفيل لسنة إضافية، كما جرت العادة، يقع تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، كون طلب التجديد يأتي من الحكومة اللبنانية كل عام، مع التشديد على حرص لبنان على حرية حركة اليونيفيل بالتنسيق مع الجيش اللبناني بما يحفظ السيادة اللبنانية وينجح مهام القوة الدولية ويحفظ سلامة عناصرها»، مشدداً على «أن إظهار الحدود البرية (مع اسرائيل) يساهم في وضع حد للتوترات المستمرة التي تحصل على الحدود بسببها».
وفيما أوردت تقارير في بيروت أن بوحبيب كاشَفَ محدّثيه، في سياق «رفع سقف الضغط المضاد» وفي ما بدا «تهديداً بقفازات»، أن إبقاء تفويض «اليونيفيل»، وفق ما كان عليه في قرار التجديد العام الماضي من شأنه أن يسبّب توترات بين الأهالي والقوة الدولية، تساءلت أوساط مطلعة إذا كانت إثارة مسألة الفصل السابع على مسرح التجديد للقوة الدولية ستشكّل مخرجاً مزدوجاً:
– للبنان الذي سيكون «حفظ ماء وجهه» بمجرد بقاء قرار التمديد تحت الفصل السادس (وثلاثة أرباع) في ظلّ توقُّع عدم تراجُع مجلس الأمن عن الفقرة المتعلقة بحرية عمل «اليونيفيل»، و«السيف ذو حدين» الذي يشكّله أي استخدام لـ «الفيتو» ضد قرار يصرّ على هذه الفقرة من الصين او روسيا لأنه يضع مصير القرار في كلّيته على المحك.
– وللدول التي كانت ترغب في توسيع مهمات «اليونيفيل» بما يعدّل أكثر في «قواعد الاشتباك»، فتكون ربحت عدم التراجع عن التعديل الذي أُقرّ العام الماضي وتثبيته «لمرة ثانية ونهائية».
تجسس و«داعش» وتهريب سوريين: في موازاة ذلك، استوقف الأوساط المطلعة عودة «الكاشف الضوئي» على الواقع الأمني في لبنان، ومن زواية عدة، مبدية الخشية من أن يكون الأمر في إطار تسخين الصفيح الداخلي وحشْر البلاد أكثر في عنق زجاجةِ الملف الرئاسي تمهيداً لاستيلادٍ قيصري للرئيس العتيد بعد أن تكون اكتملت كل عناصر «إنهاك» اللاعبين المحليين ولا سيما في ظلّ رمادية كبرى تحوط بمدى قدرة الخارج على رعاية ممرّ لهبوط آمن من الأزمة المستعصية ما دامت البلاد ليست على رادار «نظام المصلحة» الجديد الذي يتشكّل في المنطقة ويرتكز على عناصر مغايرة تماماً لِما تعوّده اللبنانيون في تخاذُلهم عن الإمساك بزمام أمورهم ورهانهم على إنقاذٍ سحري يهبط عليهم «بالمجّان».
وفي هذا الإطار توقفت الأوساط عند المعطيات الآتية:
– عودة العامل الاسرائيلي الى الوضع اللبناني وفق ما عبّر عنه ما كشفه المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري عن توقيف شخصين في مطار رفيق الحريري الدولي «لديهما ارتباطات مع إسرائيل كانا مكلفين عمليات في الداخل»، لافتاً إلى أنه جرى التحقيق معهما وتحويلهما إلى القضاء العسكري المختص، على أن يجري الكشف في بيانات لاحقة عن«خطر» هذه الشبكة.
ونقلت «وكالة سبوتنيك للأنباء»، عن مصدر في السفارة الروسية أنها «على علم بالوضع الرّاهن فيما يتعلّق باحتجاز مواطنين روس في لبنان، وتتّخذ الخطوات اللّازمة لتستوضح الظّروف التّفصيليّة من الجانب اللبناني».
وأشار المصدر إلى أنّ «السّفارة تتّخذ الخطوات اللّازمة لوصول القنصليّة إلى المواطنين الرّوس المحتجزين، وفق القوانين الدّوليّة والمحليّة».
– بقاء موضوع «داعش» في واجهة المشهد اللبناني، منذ الكشف عن «الانتحار السلمي» لأحد المتَّهَمين بالوقوف وراء التفجير الإرهابي في مقام السيدة زينب في دمشق في 27 تموز الماضي وذلك خلال عملية دهم لقوة من «حزب الله» لمكان تواريه في الضاحية الجنوبية لبيروت (محلة حيّ السلم).
– التقارير المتوالية عن عمليات تهريب لمئات السوريين يتم ضبْطها في شكل شبه يومي من الجيش اللبناني عبر الحدود البرية والمعابر غير الشرعية، وسط مخاوف تُثار من أن يكون بين هؤلاء إرهابيون يتسللون بأجندات معيّنة أو في سياق «خلايا نائمة» يتم «الضغط على زرّها» في توقيت معيّن.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.