"سقط الحلم، تبدّد الأمل، انهار لبنان القويّ، يدّ الغدر امتدّت لتخطف صانع الأمل للبنان واللبنانيين.. بشير الجميّل الذي وحّد لبنان واللبنانيين ارتفع شهيدًا في البيت الذي أحبّ، شهيدًا مع رفاق الدّرب.. بشير الجميّل وداعًا!"
في الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم 14 أيلول 1982، هزّ انفجارٌ ضخمٌ محيط الأشرفية، تردّدت أصداؤه في بيروت والمناطق، الانفجار استهدف بيت الكتائب في الأشرفية خلال انعقاد اجتماع حزبي بحضور الشيخ بشير الجميّل، فسقط الرئيس ومعه 21 شهيداً.
اليوم، يطوي الوطن عامًا جديدًا على غياب الرئيس الشهيد بشير الجميّل، وفي غمرة البحث عن رئيس جديد للجمهورية وفقدان المجتمع لهذا القائد القادر على بناء الوطن المفقود هو الذي يجعل بشيراً حاضراً اليوم أكثر من أي وقت مضى.
هذا الرئيس حمل حلماً كبيراً للبنان، أخذنا معه في عاصفة التغيير، حمل صليب لبنان في كل فئاته، وسعى منذ اليوم الاول الى لمّ الشمل بدءا من المناطق المسيحية وصولا الى المناطق الاخرى ولكن في 14 ايلول قضى بشير شابًّا ضحيّة أحلامه.
لم يحتاج بشير إلى أن يقسم اليمين الدستورية، ولا إلى السكن في قصر بعبدا وممارسة صلاحيات الرئيس القوي ليضع لبنان على سكة الانتقال من "جمهورية الـ 1943 إلى حلم الألفية الثالثة"، فمجرد إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية كان كافيًا لتسير الدولة "متل الساعة".
واليوم، وبعد مرور 41 عامًا على غياب "البشير"، أخطارٌ عديدة تحفّ بالـ10452 كلم مربّع التي كانت شعار بشير الدائم، فهو الذي لم يعتمد النمط الكلاسيكي في معالجة القضايا، رافضاً أي نهج وسطي، ما يعكس حاجتنا اليوم لشخصية مثله لإنقاذ البلد.
في هذا السياق، يقول النائب نديم الجميّل في حديث خاص لـ "kataeb.org": "منذ 41 عامًا، هناك الكثير من الأمور التي تغيّرت، الأكيد أن الفوضى والمزرعة والكذب والنفاق والمصالح الشخصية والضيقة لم تتغيّر ولكن الذي تغيّر كثيرًا هو نمط الحياة والمواطنية ومعنى الشجاعة والاندفاع والصمود والمقاومة اضافة الى معنى الحرية والكرامة."
ويضيف: "للأسف ما ينقصنا اليوم من بشير ليس فقط "رجل الدولة" انمّا أيضًا العنفوان الذي زرعه في نفوس اللبنانيين والشجاعة التي كان يملكها لمقاومة الغريب والخطأ."
ويؤكدّ نديم أنه لو كان بشير الجميّل موجودًا اليوم لما كنّا قد سمعنا بـ"حزب الله"، أو بالنفوذ الايراني وغيره، فكنّا سنسمع فقط بـ"لبنان" ونتطلّع نحو امكانية منافسة اسرائيل والصين أو حتى الولايات المتحدة، لذلك المقارنة والمقاربة ليست موجودة.
ويصف الإبن والده بالرجل الوطني بامتياز الذي وضع ركائز الوطنية ومداميك المواطنية والحرية والدولة الحقيقية.
ويقول: "اليوم، أفتقد الى شخص "بشير" الأب والرجل والرئيس!"
ويلفت نديم الجميّل الى ان "بشير" كسر كل المقولات خاصة انه كسر الطريقة التقليدية بالتعاطي السياسي ولا مشكلة الا وله حل او نية بالحل وهنا الفرق بين بشير وبين من يقولون "ما خلونا".
ويقول:"بشير لم يكن رئيس ميليشيا انما رئيس مقاومة وهو كان قائدا لقوة تحريرية في لبنان وأمر مختلف عما يحصل اليوم لاسيما ما نراه في المخيمات ".
يضيف:"من باب ما يحصل في المخيم بالنسبة للمقاومة اللبنانية لم يكن هناك تردد فالفلسطيني الذي يريد ان يبقى يجب الا يكون مسلّحا وكل السلاح في المخيمات يجب التخلي عنه وحلم بشير ان يكون الجيش القوة الوحيدة على الارض ".
ويوضح نديم الجميّل ان لبشير رؤية وعرف كيف يطبّقها على الارض وقال:"موقف بشير كان واضحا عن كيفية اعادة بناء الدولة بعد التفكك والانهيارات مع شبه الدولة التي كانت قائمة لناحية الادارة والجيش والمؤسسات واليوم الدولة مهترئة ومنتهية وليس هناك هيبة للرئيس والدولة والقانون، وكله انهار لاننا لا نعتمد مرجعية واحدة التي هي الدولة والتي يجب ان تكون على مساواة واليوم كل طرف يفتح "دكانة" لتأكيد مرجعيته ووجوده".
ويشدّد الجميّل على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية الذي هو صورة الاب الصالح للوطن بغض النظر عن الصلاحيات وهو من يضع المعايير والوجهة ولا يمكن العيش بفوضى وغابة لان رموز الدولة انهارت.
ويعتبر ان كل يوم هناك امكانية لتحقيق حلم بشير والصعوبات تخلق التحديات والرجال والاهم ان نتمسك بانتمائنا للبلد والايمان بأن وجودنا في البلد هو ما يصنع الفرق .
ويضيف: "يمكن الذهاب الى الخارج لتأمين فرصة أمل لعائلاتنا ولكن انتماؤنا يجب ان يكون للبلد ونتعلّق به لان البلد خرج منه ابطال وشهداء وقديسون وعمالقة حافظوا عليه لا يجب ان نفرّط بهم".
ويختم: "الخوف اليوم ان الهجرة ليست فقط اقتصادية انما الخشية ان نترك لبنان للغريب ولمن يحاول احتلالنا وهذا الامر الخطير الذي يجب ان نواجهه ".
في الخلاصة، إن الصليب الذي حمله بشير مع لبنان إلى حدّ الاستشهاد في عيده لا يمكن إلا أن يقود إلى قيامة مستحقة تبدأ بتحقيق عدالة الأرض، ولا تنتهي إلا بقيام دولة حلم بها بشير.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.