ما كان لـ “النوبة ” العصبية الانفعالية التي طبعت تصريحات ومواقف شريكي “تفاهم مار مخايل” سابقا، “حزب الله” ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، ولو من منطلقات حسابات منفصلة لكل منهما هذه المرة، ان تتخذ دلالات بارزة من شانها ان تستدعي التدقيق والتفحص، لولا انها جاءت في سياق اثبات عودة مجمل الواقع السياسي الى مربع بدايات الازمة الرئاسية على رغم تشاطر كثيرين في تجميل قتامة المشهد الداخلي. فاذ انبرى “الحزب” على السنة بعض “صقوره” الى التهجم الحاد على خصومه من قوى المعارضة الى حدود الانسياق الى التهديد السافر، انبرى في المقابل رئيس “التيار الوطني الحر” الى التهجم التشهيري على قائد الجيش العماد جوزف عون من “منبريات” جولة في البقاع الشمالي غداة جولة مثيرة للتحديات في زحلة . بذلك بدا واضحا للجهات الراصدة التحركات المتصلة بالوساطة القطرية وما تواجهه من تحديات واحتمالات سلبية بعد الوساطة الفرنسية بان “الحزب” وحليفه القديم يتقدمان لائحة القوى التي تمارس لعبة رفع السقوف السياسية والإعلامية في وجه القطريين بعدما ارتفع ضباب الغموض الكثيف فوق مصير التحركات الخارجية والوساطات المتدافعة الواحدة تلو الأخرى من دون أي فرص حقيقية بعد لتحقيق اختراق فعلي في جدار الازمة. وفيما تقدم كل من “حزب الله” ورئيس “التيار الوطني الحر” واجهة المشهد الهجومي على خصومه الداخليين، اكدت الجهات المعنية نفسها ان الأيام الطالعة مرشحة لان توضح الكثير من دوافع المناورات السياسية في ظل لقاءات إضافية سيستكمل بها الموفد القطري جولته التي بدأت قبل أسبوعين، كما ان هذه الجهات توقعت ان تتبلغ المراجع المعنية في بيروت معطيات من باريس عن التحرك المقبل للموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان، وسط تاكيدات فرنسية وقطرية ان لا تصادم بين التحركين بل التقاء حيال المسالة الجوهرية المتصلة بالتوصل الى تفاهم لبناني عريض على اعتماد الخيار الثالث الرئاسي .
ومن هذه الزاوية فسرت جهات عدة الهجمات “العشوائية” والمركزة التي طبعت جولتي رئيس التيار “الوطني الحر” جبران باسيل في منطقتي زحلة وبعلبك الهرمل يومي السبت والأحد الماضيين في اطار السعي الى “تثقيل” الغنائم السياسية المطلوبة. فهو بعدما أراد ارسال رسالة حسن نية الى “حزب الله” من زحلة حصرا بتحذيره المعارضين من الرهانات على هزيمة النظام السوري او الصفقة السعودية الإيرانية على حساب الحزب، راح يسدد سهامه الى قائد الجيش من بعلبك تحت شعار التحذير من خطر زحف النازحين.
وأشار إلى أن “آلاف النازحين يعبرون الحدود عبر معابر غير شرعية ومعروفة بتشجيع دولي وبتواطؤ داخلي”، محذّراً من “خطر وجودي حتمي على لبنان”، مطالباً بـ”اقفال الحدود”. واعتبر باسيل أن “أفراداً وضباط وقادة في الجيش متواطئين سياسياً ومستفيدين مادياً من شبكات التهريب”، مشدّداً على أن “لبنان مهدّد بالزوال وشعبه مهدّد بالتهجير”.
وأكّد “أننا لسنا مستعدين لأن نكون بأي حوار معلّب ومفروض بشروطه يأخذنا لمسرحيّة ممجوجة، ولا نريد حواراً شكلياً، فأنتم تدعوننا إلى حوار ضبابي بشكله وبرنامجه، “وما في حدا ريّس على حدا”. وطالب “برئيس ملتزم على رأس السطح اعادة النازحين إلى بلدهم مهما كلّف الأمر، رئيس سيادي بطبعه وليس تابعاً لمحور ولا مسيّر، ملتزم بضميره الوطني وبالدستور. وليس مخالفاً الدستور بجلسة انتخابه”، في إشارة إلى قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يحتاج انتخابه الى تعديل دستوري .
بدوره ذهب عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق في هجماته على القوى المعارضة الى حدود التهديد “بانهم صاروا عبئا على البلاد “. وقال أن ” أن جماعة التحدي والمواجهة أفشلوا كل المبادرات لأحقاد دفينة ورهانات خاسرة، لأنه لديهم مشروع المواجهة، فلا يريدون لا الحل ولا التوافق ولا التفاهم، وإنما يريدون الصدام والمواجهة الداخلية، وجر البلد إلى الفتنة، ومشروعهم يتقاطع مع أهداف حرب تموز العام 2006، وليكن معلوماً، لن نقبل ولن يأتي يوم نقبل فيه أن يمرر أحد أي هدف إسرائيلي أسقطناه في وادي الحجير وسهل الخيام”. وقال: “إن جماعة التحدي والمواجهة بمشاريعهم الخاسرة والمغامرات غير المحسوبة وبإفشالهم المبادرات والتوافقات، صاروا عبئاً ثقيلاً على البلد، لأنهم هم سبب كل هذه الأزمات، ولا يريدون الحل”.
ارقام السحب الخاص
بعيدا من الأجواء السياسية هذه تنعقد لجنة المال والموازنة النيابية قبل ظهر اليوم لبحث مسألة الصرف من حقوق السحب الخاصة للبنان وهذه الحقوق قررها مجلس المحافظين في صندوق النقد الدولي، على أثر جائحة كورونا وما خلفته من آثار سلبية على الاقتصادات العالمية. فقرر توزيع مخصصات حقوق السحب الخاصة من أجل دعم سيولة البلدان الأعضاء ولاسيما الفقيرة منها، فكانت حصة لبنان 607,2 مليون وحدة من وحدات حقوق السحب باعها لقاء حوالي /1,140/ مليار دولار أميركي.
وقد أودعت الحكومة هذا المبلغ في حساب خاص فُتح لدى مصرف لبنان لهذه الغاية.
وبتاريخ 11 نيسان 2022 كان رصيد هذا المبلغ /1.139.951.437/ دولار أميركي، أي حوالى /1,140/ مليار دولار اميركي، ولم تكن الحكومة قد تصرفت بأي مبلغ منه.
ومنذ 12 نيسان 2022 بدأ التصرف بالمبالغ الناتجة عن حقوق السحب، ومازال، لدرجة أن المعلومات تفيد بأن المبلغ قد صرف بالكامل.
في لائحة حصلت عليها “النهار” تتضمن ما تم التصرف به لغاية 8 كانون الأول 2022، يتبين بأن مبلغاً يزيد على /636,1/ مليون دولار أميركي قد تم التصرف به لتغطية النفقات التالية:
– الكهرباء221,59 مليون د.أ.
– الأدوية190,05 مليون د.أ.
– القمح112,08 مليون د.أ.
– القروض 95,54 مليون د.أ.
– جوازات السفر13,24 مليون د.أ.
– تكاليف حقوق السحب 4,09 مليون د.أ.
– رسوم لوزارة العدل0,683 مليون د.أ.
وقد برّرت الحكومة هذا الإنفاق بأنه تم في سبيل تحقيق المصلحة العامة.
وعن إجتماع اليوم قال رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان لـ”النهار”: ” أن البحث سيتمحور حول قانونية هذا الانفاق أكثر من مدى جدواه ومسؤولية كل من الحكومة ومصرف لبنان بإجازة هذا الصرف وفق الآلية التي إعتمدت دون مراعاة مبدأ الشمولية والعودة الى مجلس النواب من خلال موازنة أو اعتمادات إضافية أو إستثنائية ومن خلال حساب خاص خارج حساب 36 للخزينة ما يعني بإختصار دون أي رقابة”.
وعلمت “النهار” أن تقييم قانونية الانفاق الحاصل من حقوق السحب سيتم في جلسة لجنة المال من خلال الاجابة على الاسئلة الاتية:
١- القرارات والمراجع والمستندات التي جرى على أساسها دفع تلك المبالغ من حقوق السحب الخاصة، ومن أي بند من بنود الموازنة جرى التصرّف بها
٢- أين أودع المبلغ المترتب لصالح لبنان من حقوق السحب الخاصة؟وهل جرى إدراجه في حساب الدولة وفي الموازنة العامة؟ وفي حال عدم حصول ذلك، فعلى أي اساس يتم صرف اجزاء منه وبناء لأي قانون؟
٣- ايداع لجنة المال نسخة واضحة عن لائحة الصرف حتى تاريخ اليوم.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.