توقفت محرّكات البحث الخارجية عن التنقيب عن قاسم مشترك، بين الأحزاب والتيارات اللبنانية، يمكن أن يُحدث خرقاً في العقول السياسية المتحجرة، وبالتالي في أزمة شغور موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية.
لا الوساطة الفرنسية نفعت، ولا المهمّة القطرية، ولا انهيار البلد وتفكّك مؤسسات الدولة، ولا معاناة اللبنانيين، ولا تعاظم النزوح السوري بلا حدود ولا قيود، أيقظت ضمائر سياسية لتتحاور بعضها مع بعض، وتبحث عن تسوية ممكنة، وتضع مصلحة البلد والشعب قبل حساباتها الخاصة، ولو لمرة واحدة، كما درجت العادة.
غير انّ مصدراً ديبلوماسياً غربياً كشف لـ«الجمهورية»، انّ الوساطتين الفرنسية والقطرية مستمرتان. فالموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان سيعود مرة جديدة الى لبنان، كما أنّ القطريين لن يوقفوا محاولاتهم إحداث خرق في لحظة معينة، تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، من دون أن يعطي تفاصيل إضافية.
أضاف المصدر، انّ فرنسا «تنظر إلى الوضع في لبنان بقلق كبير وتضامن عميق، وهي محبطة من العقبات السياسية التي تمنع البلاد من الإصلاح والنهوض. ومع ذلك، فإنّ فرنسا مصمّمة على البقاء إلى جانب الشعب اللبناني في هذه الظروف».
واعتبر المصدر، انّ كلمة السرّ في ملف الرئاسة اللبنانية هي أميركية اولاً واخيراً، وباتت مرتبطة اليوم بالتقدّم المُنجز في المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، بعيداً من الأضواء.
واكّد انّ لا أحد قادراً على اختيار رئيس في لبنان بعيداً من موافقة واشنطن وطهران معاً.
أما سعودياً، فقد علمت «الجمهورية»، انّ هناك إصراراً سعودياً على تطبيق اتفاق الطائف ورفض الخروج عن مندرجاته، وإتمام الاستحقاق الرئاسي ضمن الآليات الدستورية وعلى قاعدة توافقية تعكس ميزان القوى الداخلي وتفتح الباب أمام رئاسات لا أولوية لها خارج أولوية المصلحة اللبنانية العليا، فما تريده السعودية للبنان يندرج في إطار مصلحة لبنان واللبنانيين.
وعلى الرغم من تعثر الخيار الثالث، غير أنّ «القوات اللبنانية» أبلغت الى «الجمهورية»، انّها تعتبر انّه «الوحيد القابل للتنفيذ بسبب ميزان القوى الذي يمنع على اي فريق من فريقي المعارضة والممانعة انتخاب مرشحه الرئاسي، وحيال التوازن السلبي القائم، لا حلّ سوى إما بالذهاب إلى جلسة بدورات متتالية حتى انتخاب مرشّح المعارضة أو مرشّح الممانعة، أو بالتوافق على مرشّح ضمن اللائحة التوافقية، شرط ان يكون يتمتع بمواصفات إصلاحية وسيادية».
واعتبرت مصادر قيادية في «المعارضة»، انّ «من غير المقبول ان يرفض الفريق الممانع الدورات المتتالية والخيار الثالث في الوقت نفسه، وأن يلجأ إلى التعطيل مراهناً على تبدّلات خارجية وداخلية تحقِّق له أغراضه السياسية، ونطمئن الممانعة انّ التراجع لن يحصل هذه المرّة، لا بل انّ الموقف الدولي انتقل في جزء منه من مبادرة لمصلحة الممانعة، إلى موقف صارم مع الخيار الثالث ولا عودة عنه، فيما المعارضة ليست في وارد النقاش في موقفها الدستوري».
ورداً على سؤال، هل يمكن عبر الحوارات الثنائية ان تتفقوا مع الطرف الآخر على الالتزام المتبادل بجلسة رئاسية تليها دورات متتالية لانتخاب رئيس؟
أجاب: «الفريق الممانع لا يريد دورات متتالية، وقد أبلغ الموفدين الفرنسي والقطري تمسّكه بمرشحه ورفضه الخيار الثالث، وبالتالي يتعامل مع الاستحقاق الرئاسي على قاعدة إما مرشحي أو استمرار الشغور، والشغور الذي يعيشه لبنان حالياً ليس الأول من نوعه، إنما في كل استحقاق رئاسي او حكومي يلجأ إلى التعطيل نفسه تحقيقاً لمآربه وأغراضه، ومع فارق هذه المرة انّ المعارضة لن تتنازل عن حقها بتطبيق الدستور، وما تحاول فعله هو إنهاء العادة التي درجت عليها الممانعة: التعطيل لانتزاع المكاسب».
النزوح: في سياق آخر، علمت «الجمهورية»، انّ في إحاطة مجلس الأمن حول سوريا، طُلب من الولايات المتحدة وروسيا، والصين، الدعم لإعادة إعمار سوريا بدلاً من تدفّق النازحين الى لبنان، فتأكّد الموقف الدولي السلبي خلال الاجتماع، حيث أصرّت الدول الغربية على عدم عودة النازحين وعدم إعادة إعمار المناطق المتضرّرة من دون حل سياسي. في المقابل، طالبت روسيا والصين بانسحاب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا وتعويض سوريا عن النفط المسحوب منها.
من جهتها، اشارت سوريا إلى عدم استعدادها لاستيعاب النازحين بسبب الدمار في البنية التحتية.
الخلاصة، انّ لبنان في أمسّ الحاجة إلى اعتماد استراتيجية واضحة لمواجهة أزمة النازحين والضغط على المجتمع الدولي للمشاركة في إعادة توطين النازحين خارج سوريا ولبنان بمساهمة أكبر من ذلك.
من جهتها، رأت «القوات اللبنانية»، انّ ملف اللاجئين السوريين أُخضع للدرس والمؤتمرات والمذكرات والمراسلات، وانّ هناك من يتعامل بجدّية مع هذا الملف الذي يشكّل عبئاً كبيراً على اللبنانيين، وهناك من يستخدمه، كعادته، للمزايدة السياسية، ولكن وسط هذه الصورة كلها أصبح من الضروري الانتقال من مرحلة البحث عن الحلول التي تراوح مكانها منذ سنوات، إلى الخطوات العملية التي لا بدّ منها، لإفهام من يجب إفهامه انّ لبنان لم يعد يحتمل استمرار وجود هؤلاء اللاجئين، خصوصاً انّه بلد عبور وليس لجوء، ومحاولات تحويله إلى بلد لجوء مرفوضة رفضاً باتاً.
وعلمت «الجمهورية»، انّ «القوات اللبنانية» تحضّر خطة تحرّك شاملة تمهيداً لوضع ملف اللاجئين على سكة العودة إلى ديارهم، او الخروج من لبنان باتجاه الدول القريبة والبعيدة لاستيعابهم، وجوهر هذه الخطة قائم على فكرة انّ التشاور مع الدول المعنية لا فائدة منه، بدليل مراوحة الأزمة منذ سنوات، فيما الوضع في لبنان لم يعد يحتمل هذه المراوحة.
الجمهورية
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.