16 كانون الثاني 2024 | 08:50

أخبار لبنان

فرص كهرباء لبنان

أوكسجين النهار - مازن عبّود





اوصى وينستون تشيرشيل مع بداية الحرب العالمية الثانية بالاستفادة من الازمات الكبرى كي لا تذهب سدى. الحمد لله انّ الانهيار النقدي والمالي والسياسي جعلنا نفكر بالاستفادة من مؤسسة كهرباء لبنان وتحويلها الى قطاع يسعى الى تغطية نفقاته على الأقل. وذلك عبر إقرار تعرفة متحركة وفق أسعار النفط لكن مصممة كي تغطي أساس الكلفة. ولأول مرة ومنذ سنوات اضحى رصيد الكهرباء إيجابيا في مصرف لبنان فبلغ الثلاثين مليون دولار. وبلغ اجمالي قيمة الإصدارات المطبوعة على التعرفة الجديدة 185 مليون دولار.

الازمة في كهرباء لبنان ما كانت في معدلات الجباية بشكل رئيسي بل ببيع الكهرباء تحت سعر كلفة الإنتاج. الازمة كانت في التآمر بالعجز او عن قصد لتدمير البلد. في العام 2018 فاقت معدلات الجباية التسعين بالمائة ولكنها لم تكن كافية لتغطية كلفتي الإنتاج والتشغيل اللتين كانتا أكبر بضعفين على الأقل. من الواضح أن خصخصة الجباية والصيانة لم تؤديان الى الغاية المنشودة بسبب الفساد والمحاصصة.

بدأت المؤسسة تستعيد بعضا من توازنها المالي، ابتداء من تاريخ العمل بالتعرفة المتحركة في تشرين الثاني 2022. ما هو جيّد اليوم انّ ايرادات كهرباء لبنان المنبثقة عن التعرفة الجديدة اضحت كافية لتغطية الكلفة الثابتة لتشغيل المرفق العام (أكلاف الموظفين ومقدمي الخدمات والمعامل) كون الدولة هي المسؤولة عن تسديد ثمن الفيول العراقي من خلال خدمات لصالح الحكومة العراقية. الشكر كل الشكر الى الازمة والى الفيول العراقي المقدم الى الحكومة اللبنانية. فاتورتنا الى العراق تعدّت المليار دولار. آسف ان نتحوّل الى دولة مارقة باقتصاد ريعي تستجدي فيول الكهرباء.

من أسباب الانهيار انّ دولتنا كانت مصرّة على اعتماد تعرفة رمزية وثابتة لكهرباء توّلد بالفيول الذي ترتفع أسعاره بشكل دائم. تمّ اعتماد الثابت البخس في مواجهة المتغيّر الباهظ الثمن، وتسألون: "كيف انهار البلد؟". التآمر والنهم لكسب اصوات الناس على جثثهم انهيار. يتوجب ان تغطي أي تعرفة للكهرباء الكلفة وتأخذ بعين النظر الاخطار، وهذا لم يحصل.

اليوم يقترب سعر كيلوات كهرباء لبنان من سعر المولدات الخاصة نتيجة اعتماد دولار سعره اعلى من دولار السوق السوداء. ثمة كلام عن فتح حسابات بالدولار والليرة على أساس سعر مصرف لبنان وبدون زيادة 20% وهذا ما ننتظره. وعلى الرغم من ذلك تبقى كهرباء لبنان ضرورة وذلك لانّ الكلفة الخارجية للمولدات الخاصة أكبر بكثير من كلفة كهرباء لبنان، جراء الاضرار البيئية والصحية الناتجة عن وجودها في وسط الاحياء في المدائن والبلدات.

من الجيد بانه قد تمت إزالة عدد من المخالفات عن الشبكة على مجمل الأراضي اللبنانية، وارتفعت معدلات الجباية الى 85 % من الطاقة المفوترة وليس المنتجة بالمقارنة مع فترة الكورونا، على الرغم من اننا نعيش في خضم ازمة نقدية ومالية لم يشهد مثلها لبنان في تاريخه المعاصر. مما لا شكّ فيه بانّ بدء بعض مخيمات النازحين السوريين بتسديد كلفة استهلاكهم للطاقة امر يتوجب التوقف عنده. لكن هذا لا يكفي لوحده فثمة خطوات أكبر يتوجب المضي بها لتحقيق التوازن المالي. يتوجب ردم الهوة ما بين ما هو مفوتر من طاقة وما هو منتج. والظاهر بانه كبير جراء عدم قدرة الكهرباء على تسديد فواتير الفيول العراقي. المطلوب خصصة القطاع لضمان الربحية مع إبقاء قراراته عمومية كي لا يتضرر الناس، وفي هذا تحد كبير!

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

16 كانون الثاني 2024 08:50