لمناسبة الذكرى الـ19 لإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، نظم قطاع الشباب في تيار المستقبل طرابلس لقاءً حوارياً مع الاستاذ جورج بكاسيني وذلك في مكتب منسقية طرابلس.
حضر اللقاء عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل ناصر عدرة ، نقيب المحامين في الشمال الاستاذ سامي الحسن ، نقيب المحامين السابق فهد المقدم ، مدير مكتب تيار المستقبل في الشمال محمد حروق ، اعضاء مجلس نقابة المهندسين في الشمال محمد شيخ النجارين وخضر حسين ، المرشح لمركز نقيب المهندسين المهندس مرسي المصري ، المسؤول التنظيمي لمنسقية طرابلس المهندس سليم نشابة ، منسقة المهن الحرة في طرابلس الاستاذة زهرة الجسر ، منسقة الانتخابات في طرابلس المهندسة لينا دبوسي ، منسق المحامين في الشمال الاستاذ فراس الشيخ ، مسؤول التنمية البشرية في الشمال المهندس زياد حموضة ، نقيب اصحاب الافران في الشمال طارق المير ، عضو مجلس بلدية طرابلس احمد المرج ، اعضاء بلدية طرابلس السابقين ليلي تيشوري شحود وعربي عكاوي ، منسق عام قطاع الشباب في لبنان بكر حلاوي ، اعضاء المكتب المركزي لقطاع الشباب علاء ارناؤوط ، مريم خشوف ، مسؤول مؤسسة امكان في الشمال امين بارودي ، رئيس تحرير موقع democrati الدكتور عبدالله بارودي، بالاضافة الى اعضاء مكتب ومجلس المنسقية وعدد من كوادر المستقبل في طرابلس وحشد من الشباب.
بعد النشيد الوطني اللبناني و قراءة الفاتحة عن روح الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، كلمة ترحيبية من منسق قطاع الشباب هادي رزوق.
وقد تخلل اللقاء سرد مختصر عن مسيرة الشهيد رفيق الحريري في السياسية اللبنانية ومن ثم العديد من المداخلات والاسئلة بشأن دور الحريرية السياسية في لبنان من حقبة رفيق الحريري الى حقبة سعد الحريري وعن دورها في المستقبل القريب والبعيد و عن اسباب قرار الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي وامكانية رجوعه عن القرار.
هذا وقد جاء في المحاضرة التي القاها الاستاذ جورج بكاسيني ما يلي :
لم تكن "الحريرية السياسية" يوماً حركة تسعى الى السياسة من أجل السياسة أو السلطة من أجل السلطة. استعانت على الدوام بالسياسة وبالسلطة من أجل هدفٍ آخر هو الانجاز، بدليل تعليق رفيق الحريري عمله الحكومي العام 2004، وتعليق سعد الحريري عمله السياسي العام 2022، عقب مواجهة كل منهما إنسداداً سياسياً غاب معه الأمل في تحقيق أي إنجاز، فـ"استودعا الله البلد الحبيب لبنان".
إذاً نحن نتحدّث عن حركة أو حالة سياسية حدّدت منذ انطلاقها مهامها وأهدافها وكلّما اصطدمت بما يُعيق حركتها خرجت عن المشهد لأنها بطبيعتها لا تهوى النزاعات، ولا تقوى على المساكنة مع الصراعات والمناكفات وسياسة النكايات كتلك التي طالما ضربت لبنان بين فينةٍ وأخرى كما هو الحال اليوم.
"الحريرية السياسية" نسخة طبق الأصل عن الصيغة اللبنانية التي لا تعيش إلاّ على التفاهمات والتضحيات المتبادلة والإزدهار. هي مثلٌ ومثال لأسطورة "طائر الفينيق" التي تنتشل لبنان من تحت الرماد.
وأبناء جيلنا ، أو الجيل الذي سبق، يعلمون تماماً أن مؤسّس هذه الحركة الرئيس الشهيد رفيق الحريري تلقّى عروضاً كثيرة في الثمانينات للإنخراط في العمل السياسي ، كأن يُعيّن وزيراً للتصميم أو رئيساً لمجلس الانماء والاعمار ولم يفعل، بسبب الانسداد السياسي في الداخل وفي الاقليم. لكنّه اقتحم المشهد السياسي العام 1992 عندما توافر شرطان : الأول تسوية لبنانية تمثّلت باتفاق الطائف، والثاني مشروع تسوية إقليمية تمثّل بمؤتمر مدريد للسلام بين العرب وإسرائيل.
هذان الشرطان شكّلا الخلفية البديهية لنجاح الحريرية فاستفادت من فترة سماح لم تدم أكثر من خمس سنوات ، وحقّقت إنجازات غير مسبوقة نقلت لبنان من مكان الى آخر حتّى شُبّه بهونغ كونغ.
فترة السماح هذه اصطدمت بعودة العقارب الاقليمية والمحلية الى الوراء فانفرط عقد "سلام مدريد" من جهة، وكذلك عقد السلام المحلي من جهة ثانية، مع الإلتفاف المتعاظم على "اتفاق الطائف" وعودة الانقسام اللبناني من بوابة التمديد للرئيس إميل لحود عقب اهتزاز الاتفاق الأميركي – السوري إثر غزو العراق وبدء مرحلة ما سُمّيَ في حينه شروط كولن باول على سوريا.
هذا الانسداد الذي توّج باغتيال رفيق الحريري تفاقم أكثر وأكثر مع توسّع النفوذ الإيراني في المنطقة التي انقسمت بين محورين، تماماً كما انقسم الداخل اللبناني بين "آذارين"، فواجه الرئيس سعد الحريري، في المعارضة وفي السلطة، ومعه اللبنانيون، أقسى أنواع الصراع الذي اختلط فيه الإقليمي بالمحلي وصولاً الى حد ارتباط حلّ أزمة الكهرباء بحلّ أزمة المنطقة، حتى إذا فُتحت ثغرةٌ في الجدار الإقليمي المسدود مع الاتفاق السعودي – الإيراني في بكين، عادت المنطقة الى المربّع الأول مع سعي اسرائيل لإبادة جماعية في فلسطين .
وسط هذا الواقع المتفجّر من كلّ حدبٍ وصوب، ومعه انهيار شامل سياسي واقتصادي في الداخل مدجّج بشغور رئاسي لعين، بدأت تتعالى أصوات من جمهور "المستقبل" ومن خارجه خصوماً وحلفاء، مطالبةً بعودة سعد الحريري الى العمل السياسي.
لا شكّ أن الثابت الأول في هذه الأصوات هو جمهور "المستقبل" الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بفائضٍ من الوفاء منذ لحظة العزوف، ورفع صوته متوجّساً ومعه شريحةٌ واسعة من اللبنانيين. ولا شك أن بعضاً من القوى السياسية وصل الى قناعة مفادها أن لا حياة بفقدان التوازن في بلد توازنات متل لبنان، فيما لم يُعرف بعد موقف شريحة أخرى من القوى السياسية. والثابت الثاني هو سعد الحريري نفسه الذي لا يهوى بالتأكيد التخلّي عن مسؤولياته تجاه وطنه أو شعبه إذا توافرت الشروط اللازمة للعمل. لكن هل تتوافر هذه الشروط الموضوعية للعودة عن قرار تعليق العمل السياسي، تماماً كما توافرت عندما شقّ رفيق الحريري طريق "الحريرية السياسية" في مطلع التسعينات، وهما إثنان: تسوية إقليمية وأخرى محلية تمثّل خارطة طريق؟
الشرط الأول أي التسوية الإقليمية تزداد التوقعات حول احتمال حصولها خلال الشهور المقبلة، رغم المخاوف المتنامية من اتساع رقعة الحرب. أما تسوية الداخل فهل من آفاق لإمكانية بلوغها، وهنا ليس المقصود بالطبع عملية تبويس لحى بين المتصارعين، بقدر ما أن المطلوب هو الإلتزام الجماعي بخارطة طريق وحيدة هي تطبيق "اتفاق الطائف" الضامن الوحيد لوحدة لبنان وعروبته وازدهاره ؟ الإجابة عن هذا السؤال بالذات عند رب العالمين وحده .
سعد الحريري يعود أو لا يعود ؟
هو سيعود حتماً ، لكن على متن خارطة طريق رفيق الحريري ، حيث لا تعلو راية فوق راية لبنان ، أو صوت فوق صوت العرب ، ولا تمتد يد الى اتفاق الطائف .. أو الى أرض فلسطين .
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.