13 شباط 2024 | 08:48

أخبار لبنان

تداعيات بعض الماورائيات على الحياة ورفاهها

تداعيات بعض الماورائيات على الحياة ورفاهها

مازن عبّود – اوكسيجين النهار ‏





نعيش في شرق يتنفس ماورائيات تشكل عقائدا سياسية ‏تقوض جودة الحياة وانتظام السوق. والهدف من الأديان ‏ضبط الحياة لضمان جودتها. ملكي-قوشت الذي سيحرر ‏الأرض من ملاك الشر يرشاع انتقل من العبرانيين الى ‏اليهود كي يبلغ ادياننا. كل ينتظر نسخته من ملكي-‏قوشت الذي سيواجه يرشاع الاخر. يا ليت امرام ملك ‏الكنعانيين لم يشاهد هذه الرؤية!‏

وكلّ يعمل لقدوم الديّان الذي سيرأس العالم (ملكي-‏قوشت) وينتقم من يرشاع واخصامه. عمليا يصير ‏الانسان تفصيلا في استدامة معركة طويلة. تزول فرادته ‏ومعناه. فتصير البطون تنتج ما تستهلكه المعارك. ‏الازمة في فهم وعسكرة ماورائيات الأديان. الازمة في ‏اهمالها للحاضر. توظيف هذا الفهم لخدمة اسرائيل أدى ‏الى توظيفه عندنا. ‏

لكن هدف الدين انتاج بشر أفضل لعالم أفضل. وغالبا ما ‏يستعمل لتقويض الحياة ورفاه البشر. يستثمر فيه الأقوياء ‏لإحكام السيطرة على الموارد. الازمة انّ جودة الحياة ‏ورفاهها حاضرا لا يعني. مما عزز ويعزز استدامة ‏الحروب اليوم لتعزيز الكسب مستقبلا. ‏

تتكلم ‏CHIBANDA (2024PS‏.) عن عشرات الملايين ‏الذين أضحوا عُرضة لخطر الانتحار جراء التصدعات ‏الجيوسياسية الأخيرة التي ابتدأت في اوكرنيا ولم تنته في ‏غزة. فأكثر من 25% من سكان العالم يعانون من ‏العزلة الاجتماعية والوحدة، بينما يموت أكثر من 150 ‏ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً بسبب ‏الانتحار سنويًا. الصحة النفسية جراء ما يجري لا تحتل ‏مقاما رئيسا في انظمتنا الصحية. وذلك بالرغم من ‏انعكاساتها الاقتصادية من بوابة كلفة الاعتلال الذي هو ‏كلفة استشفاء وكلفة الغياب والانتاجية في مكان العمل ‏والكلفة غير المباشرة على افراد البيت، وكلفة الموت ‏الذي يحتسب بصافي القيمة الحالية للمداخيل المستقبلية. ‏لبنان خرج منهكا من ازمة ثلاثية الابعاد (كوفيد 19 ‏والثورة والانهيار). مما ادى الى تداعي صحة شعبه ‏النفسية. ونحن اصلا نعيش في القلق من نشوب اي ‏صراع او حرب او ازمة. معالجة الازمة يتطلب مواردا ‏ووعيا. الخوف من انتشارا المخدرات وتفكك العائلات ‏يتزايد. ‏

عالميا واحد من كل خمسة بالغين يعاني، في وقت من ‏الأوقات، من مشكلة تتعلق بالصحة العقلية، قد تتسع لمدى ‏عمره بنسبة 50 في المائة (منظمة التعاون والتنمية، ‏‏2012). قدرت خسارة الايرادات جراء تدهور الصحة ‏النفسية لشعب الولايات ما بين 2001 و2003 ب193.2 ‏مليار دولار (كيسلر وآخرون، 2008). فمعدلات غياب ‏العمال الذين يعانون من سوء الصحة النفسية أعلى ب ‏‏5% وانخفاض انتاجيتهم في العمل نتيجة لذلك أعلى بستة ‏أضعاف. ‏

نعيش في بلد اللاارقام والازمات والحلول المبتورة التي ‏تنهي ما تبقى من هيكل. الناس غارقة في الاحباط ‏تتخابط على نسخها من ملكي-قوشت. غالبية "شعوبنا ‏اللبنانية" تقتات مهدئات وحشيشة كيف. ما يخدمنا ‏ويميزنا عن غيرنا ما تبقى من تماسك اجتماعي تصدع ‏دون ان ينهار. ثمة مواضيع يتوجب رصد مفاعيلها على ‏اقتصادنا وعدم اهمالها في خضم الانهيار. ‏

تكاليف تراجع الصحة النفسية بدأنا نشعر بها في مصانعنا ‏ومكاتبنا وبيوتنا وجامعاتنا. ثمة حاجة الى تطوير ‏سياسات توظيف وثقافات تدعم العاملين المصابين ‏بأمراض عقلية ليس فقط لتفعيل حضورهم بل ايضا ‏انتاجيتهم. ثمة ضرورة لإيلاء هذه القضية الاهمية التي ‏تستحق. علينا التركيز كمؤمنين على الحاضر بوصفه ‏وقتا حاسما ووحيدا للحب. لدينا مسؤوليات تجاه العالم، ‏وذلك على الرغم من انّ محبتنا ابعد وفق شميمن(1974) ‏وهذا ضروري لانتظام وجودنا واقتصادنا وبلدنا ‏ومنطقتنا.‏ 

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

13 شباط 2024 08:48