3 نيسان 2024 | 08:05

أخبار لبنان

أي لبنان للألفية الثالثة؟

أوكسيجين النهار - مازن عبّود





‏"إضعاف الهوية اللبنانية المشتركة، يؤدي إلى تفضيل الهويات ‏الجماعات الوهمية، المنغلقة على نفسها والعدوانية والمتعصبة ‏والرجعية. وإذا أصبحت الدعوة إلى الفيدرالية متكررة، فذلك ‏لأن الناس يخافون على هويتهم الخاصة، ويخافون على ‏هوياتهم الوهمية التي يتخيلونها في مواجهة هويات أخرى ‏تعتبر تهديدا".‏

رئيس الجامعة اليوسوعية الاب سليم دكّاش (2024)‏

مما لاشكّ فيه انّ الهوية التي انتجتها النخب المارونية المنبثقة ‏عن الجامعة اليسوعية ضاعت في غمار الهويات والعراك ‏الجيوسياسي المستعر، الا انّ العالم تغيّر ايضا. فالحوكمة ‏العالمية مهددة. وفي ظل تصدع الحوكمة العالمية يتزعزع ‏الاقتصاد الذي يتأثر ويؤثر على السلم العالمي. نعيش في بلد ‏بهويات وهمية وبلاعبين اوجدوا لأنفسهم قيمة وهمية لا تعكس ‏قيمتهم الحقيقية. يتنازل بعض الوزراء عن ادوارهم التقريرية ‏لحساب الجمعيات. وضعوا أنفسهم ووزاراتهم تحت تصرفها. ‏اما القرارات الاستراتيجية فقد رحلت زمانا الى خارج الدولة. ‏الحكم صوريا للدولة وواقعيا المنظمات السياسية او ‏الاقتصادية، محلية او عابرة للحدود. اضحى لبنان انموذجا ‏لكيفية انقال السلطة من الدولة الى المنظمات. اما ما كنّا نعتقد ‏بانه هوية لبنان مشتركة فقد زال لحساب "الهويات الوهمية" ‏التي يعززها تسليع التعليم وانهيار الجامعة اللبنانية والخوف ‏والصراعات الجيوسياسية وتقلص الخير العام. "الجامعات ‏أصبحت سلعة للبيع والشراء كشركات صنع الجوارب" وفي ‏هذا خطر داهم على لبنان الذي طالما اشتهر بصناعة الكوارد. ‏

Rosenau (1995‎‏) عرّف الحكم بآلية القيادة للنظام الاجتماعي ‏لتوفير الأمن والازدهار والتماسك والنظام والديمومة. وربطه ‏بالأنظمة الاجتماعية كالتعليم والجيش والاسرة. فتحديات ‏الحوكمة مرتبطة بسلوكيات معقدة جغرافية واجتماعية وثقافية ‏واقتصادية وسياسية. اعتبر التغيّرات في بنية الأسرة، وتراجع ‏الضمائر الاجتماعية، وفشل الأنظمة التربوية، واستفاقة ‏التعصب العنصري والديني وانتشار المخدرات وتوزيعها عبر ‏القنوات الشرعية تحديات بالغة للحوكمة. تحدث عن الخوف ‏وتزايد سطوة الشركات وعن تحالفات مجموعات عبر الحدود. ‏وتوقع انفجارا تنظيميا لا يقل أهمية عن الانفجار السكاني. أشار ‏الى اكتظاظ الانشطة المنظمة مما سيعقد الحوكمة ويخلق ‏معارضة لمؤسسات السلطة. منظمات قد تنافس عنفيا. فلا ‏وجود لسمات مشتركة بين "آليات السلطة التي بتواريخ ‏واهداف وعمليات مختلفة". تكلم عن تداعي هرمية بنية السلطة ‏في خضم وجود مصادر حكم متباينة مهددة. فالعالم سيكون ‏مقسما أكثر بغياب المنطق الكبير الذي يفترض التماسك ‏العالمي. تنتقل السلطة من الدول الى المنظمات. آليات المراقبة ‏في عالم مترابط ليست في متناول الدول بل بمتناول الجهات ‏عبر الحدود التي تمتلك مواردا تنظيمية ومعلوماتية أكبر مما ‏يجعلها قادرة على إيجاد بدائل للاتفاقات الحكومية وبالتالي ‏تحديد السياسات. ثمة تفلت من مفهوم الدولة ومواقف مستجدة ‏تجاه الزمان والمكان واحساس جديد بالانتماء والهوية. وهذا ‏مرعب وينطبق على لبنان.‏

بناء على ما تقدم نسأل مع الاب دكّاش عن ماهية الدولة التي ‏نسعى اليها: "أهي التي تعتمد على مساعدات المهاجرين، ام ‏تلك التي تعتمد على المطاعم والنوادي الليلية، أهي الدولة غير ‏المنتجة التي تحصّل الضرائب لحساب تمويل الزبائنية؟ ما هو ‏الشكل الآخر للدولة الذي يمكن أن يشبهنا ويجمعنا؟ ما هو ‏النموذج المستدام للقرن الحادي والعشرين؟". ‏

التكنولوجيا تغيّر الديمقراطية. رؤية ميلتون فريدمان ‏للرأسمالية والحرية بعيدة اليوم عن الواقع الاقتصادي. فالتهديد ‏الذي يواجه الحوكمة العالمية والديمقراطية يتزايد ‏‏(2024‏PS.)Kurz‏. نعيش في بلد دولته وديمقراطيته مهددان ‏في ظل تصدع حوكمة عالمية وصراعات جيوسياسية. لكن لا ‏يتوجب بنا الاستسلام بل الإجابة عن الأسئلة ومتابعة النضال...‏ 

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

3 نيسان 2024 08:05