يكاد لا يطلع ضوء نهار في لبنان من دون أن تثكل أم أو أكثر بشباب في عمر الورد، يرحلون بفعل السرعة، أو بسبب عدم وجود اضاءة مناسبة على الطرق، أو لأن الطريق معدومة الصيانة. حصيلة ضحايا السير في لبنان مرعبة، ففي العام الفائت وبحسب الإحصاءات الأمنية الرسمية، سقط نحو 500 قتيل و6 آلاف جريح، ومتوقع أن يرتفع الرقم هذا العام مسجلا المزيد من الضحايا. ابنا بيروت المفتش في الامن العام رغيد عيتاني ومحمد غزال الذي عاد من دبي في اجازة اختار أن يمضيها مع الاهل، لقيا حتفهما في حادث سير مروع في منطقة الكرنتينا بعد انحراف سيارتهما من نوع "كيا ريو" واصطدامها بالحاجز الاسمنتي، فكان أن ودعت العاصمة الشابين العشرينيين بالأزهار والأرز ودموع الامهات المفجوعة بانطفاء الحياة في عيني من كانوا هم الحياة والفرح، ذلك أن رغيد ابن المصيطبة عريس زفته عائلته قبل ثلاثة أشهر في المكان نفسه الذي عاد اليه مسجى في تابوت، لتزدحم صفحته على الفايسبوك بالذكريات الحلوة عن الشاب المبتسم على الدوام والصاخب في الفرح وعيش الحياة.
ويفتقد زملاء محمد غزال في دبي وفي الجامعة الاميركية في بيروت زميلهم الوسيم الذي عاد قبل ايام الى مدينته لقضاء بضعة أيام فإذا بالاجازة تبقى مفتوحة للعمر الذي سرق بلحظة قاتمة على واحدة من الطرقات اللبنانية البارعة في قطف حيوات خيرة الشباب .
بعد رغيد ومحمد مؤكد هناك المزيد من الضحايا على اللائحة الملعونة على الطرق اللبنانية. أمهات تنقلب فرحتهن بالابناء الى عزاءات متواصلة و نهارات قاتمة. لا جديد لجهة خطوات السلامة العامة على الطرق، في عقد تقدر فيه الامم المتحدة كلفة الحوادث بحوالى 3 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي للدول ونحو 1.25 مليون قتيل سنويا في العالم، لتخطف الاعمار ما بين 15 و29 سنة، وهو العمر الفتي الذي تبنى على أساسه المجتمعات السليمة، مساندة بذلك أدوات الحروب والمجاعات لحصد المزيد من الارواح.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.