16 نيسان 2024 | 08:07

أخبار لبنان

العامل الديني في حرب غزة



النهار- مازن عبّود



الجيش الإسرائيلي يستخدم الشعر لرفع الروح المعنوية وللتعبير عن الرغبة في الانتقام وتعزيز الحرب التوراتية بين شعب الله والأمم (هآرتس، 26 -03-2024). فنتنياهو يلعب دور يشوع بن نون الذي اباد حتى الأطفال والحيوانات لدى اقتحامه ارض الميعاد. التبرير الديني مرعب للعنف العسكري. وفق سكوت توماس (2001) "يدخل الدين كعامل في أكثر من نصف الصراعات العالمية الكبرى". إسرائيل ما عادت انموذجا ديمقراطيا وليبراليا غربيا في الشرق بل دولة عرقية ودينية أسوأ من دول المنطقة. فالديمقراطيات الليبرالية الغربية ولدت كردة فعل تحسسية على الحروب الدينية. نتنياهو أجهض السلطة وتغاضى عن حماس لإشعال حروب دينية.

للحروب الدينية أهوال أخلاقية، والتقاتل "باسم الله" يدعونا الى تصحيح موقع الدين في المجتمع الحديث. فما هو الدور الذي تلعبه العوامل الدينية في الصراعات الدولية؟

ثمة خصائص دينية للدول تؤثر على سلوكها الحربي وشخصيتها وتبادلاتها الاقتصادية. لذا، فالمطلوب تحرير النصوص الدينية، وفهمها وفق مقتضيات العصر. نعم، الخصائص الدينية للدول تطبع الاقتصاد ونوعية الحياة بدليل محو التطرف للرغد. كما انّ عدم التجانس الديني يهز دولا كلبنان وسيقوّض وينهي إسرائيل. ليس العهد القديم كتاب تاريخ. ولا يقدم بصيغته الحرفية انموذجا لإنسان الالفية الثالثة. بمنطق اليوم يشوع بن نون وموسى مدانان لارتكابهما مجازرا بغض النظر عن دوافعهما. ربما يستطيع الله أن يتصرف ضد الطبيعة، لكن البشر بالتأكيد لا يستطيعون. كتب هراري (2018) قائلا "لا يمكن لله ان يفضل شعبا على كل الشعوب ويدعم هيمنة دولة على الأمم". من غير المقبول ان يقف الله مع الظالم في مواجهة المظلوم. حرب السيف بحسب أوغسطينوس لا تجلب الا سلاما ظرفيا. أوافق توما الاكويني الذي اعتبر "السلام حالة طبيعية للبشرية على مختلف اجناسها، فالبشر يحتكمون الى نفس القانون الطبيعي". خوفي من ان تقوّض الاديان نفسها بنفسها فتتحوّل الى شان خاص. ازمة التديّن المفرط ارتباطه بالفقر والعنف والعجز والحروب. يجب ان يبقى الدين عامل سلام. ثمة أشخاص بلا عقيدة يستخدمون الدين لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية (ماني، 2012).

كي تصير ادياننا عامل سلام علينا تبديل نظرتنا الى الاخر. فهو غير مدان لكونه مختلفا. همك ان تخلص انت. الادانة طريق للحرب. المطلوب من مؤسساتنا الدينية إعطاء الأولوية للعدالة وليس للسلطة. فتحالف المؤسسات الدينية مع النخب على حساب الفقراء لا يخدمها. بل يسهم في تصاعد الفقر وعدم المساواة. تجاهل الظلم لحساب القوة يؤجج الصراعات، ويقوّض السلام، ويسخف القيم التأسيسية للأديان. دعم السلطة الزائدة في السوق يدمر الاقتصاد والسلطة وجودة الحياة. فبحسب بيترسون (1980) أهم قوتان في السوق هما النمو الاقتصادي والصراع المستمر حول توزيع الدخل. إنّ حسن تفاعل النمو مع توزيع الدخل يضمنان رفاها عاما. على الأديان ان تلعب أدوارا مساندة لتحقيق حسن توزيع الثروات واستدامة النمو. ملكوت السماء يبدأ هنا. تحالف المؤسسات الدينية مع القوة يسهم في فشل الأداء الاقتصادي وتعزيز الحروب وفشل الأنظمة وتعثر الناس. يجب ان تبقى الأديان شأنا عاما وعامل سلام وجمع. المطلوب ان تنتج بشرا اخلاقيين على الاقل. عليها ان تكون الحل لا المشكلة. الحروب الدينية مخيفة بأهوال كثيرة لأنها ستحوّل الاديان شأنا خاصا، فيصير لكل فرد كتابه والهه وقواعده التي يتحوجها من السوبر ماركت (Maoz & Henderson 2020 ( فتتسلع عندها روح الحضارات، وتمسي الحياة سوقا...

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

16 نيسان 2024 08:07