24 نيسان 2024 | 11:37

أخبار لبنان

الإنتظار مرتعه وخيم

راشد فايد - النهار

ما مصلحة اسرائيل وايران في استمرار المنطقة ترقص على صفيح ساخن، تؤجج ناره المسيرات والصواريخ والتفجيرات، والإغتيالات، فلا هي حالة حرب تشبه الحروب التي نعرفها وخبرناها، منذ ولد المشروع الصهيوني لإقامة دولة الكيان الغاصب في أرض فلسطين التاريخية، ولا هي حالة سلم، برغم العلاقات الودية المستجدة بين تل أبيب وعواصم عربية عدة، والمفاوضات المقنّعة بالوسطاء، بين طهران وتل أبيب، ومنهم واشنطن التي يوما تلعب دور الوسيط بين الطرفين، وأياما تتفوق على نفسها في الدفاع عن الموقف الإسرائيلي، والإنحياز المطلق له. أما الدول العربية، تحديداً أصحاب العلاقات المستجدة مع اسرائيل، فيبدو أنها مضطرة، بحكم الود المستجد، إلى أن تنافس المنظمات الإنسانية الدولية في تقديم المساعدات الغذائية والطبية للفلسطينيين في الجحيم الذي يدفعهم إليه الاسرائيلي، لأنها لا تمسك بزمام المنطقة لترسم مسار الأيام الآتية. على العكس من ذلك، تبدو هذه الدول اليوم اضعف مما كانت عليه زمن الهزائم، وكان صوتها عاليا، وإن لم يحمل أي شبهة نصر فعلي، فحتى نصر 1973، ضرب في الجولان بانسحاب الجيش السوري قبل أن يشتبك مع العدو، وقوض في مصر بالدفرسوار الشهير، الذي سهل الطريق الى اتفاق "كامب دايفيد" .

منذ الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في سوريا مطلع الشهر الجاري، ينام العالم، ويصحو على تناقض بين إشادة بحكمة طهران الإستراتيجية والتهكم على عدم ردها الفوري الموعود، والذي تحرص، يومياً، على الترويج أنه قاب قوسين وأدنى، فيما يسرب الإعلام الغربي معلومات عن عملية طهران المنتظرة، وكمية التسليحات المتوقع استخدامها ونوعيتها. ولم يحدث شيء من ذلك، فهل تتقصد طهران اتباع سياسة الغموض بشأن الرد وتوقيته والآليات المناسبة لتنفيذ تهديدها، علما بأن التأجيل المتكرر للانتقام قد يفرغه من محتواه، ويمنح الجانب المقابل فرصة لاتخاذ التدابير اللازمة بمساعدة حلفائه الغربيين.

في المقابل، فقد الضغط المعنوي مردوده، وصارت الحرب عن بعد من نوع الروتين اليومي، تحديدا لمن ينظر من الخارج. فعلى جبهة غزّة، لم يعد لدى الفلسطينيين ما يخسرونه، وعلى جبهة لبنان يتجنب الطرفان توسيع رقعة قواعد الاشتباك المستجدة، ولو تسنى لخبير عسكري أن يدرس مواقع المناطق المقصوفة، لاستنتج، من حجم الأضرار التي خلفتها أنها لا تستدعي ردودا تصعيدية، ولا تشي بفتح باب حرب، محدودة أو شاملة، وأن هدفها بقاء المنطقة بحال توتر في موازاة التفاوض الذي لم يصل بعد إلى ترسيم حدود المصالح بين الأفرقاء، ما يشي بأننا نشهد حفلة زجل إقليمي ثلاثي، من طهران وتل أبيب وضابط الإيقاع واشنطن، والباقون جمهور "الردّيدة" مهما عظمت أدوارهم، وتعالى ضجيج تصفيقهم.

أين لبنان من كل ذلك؟

صالة الانتظار الإقليمي تتسع للجميع، ولبنان اليوم الأكثر التصاقاً بكرسيّه، والزيارات والاجتماعات دولية وإقليمية لن تغيّر في ترتيب مقاعد المنتظرين، إلّا إذا وقع تحوّل مفاجيء غير منتظر، على نسق مؤتمر مدريد للسلام نهاية تشرين الأول 1990. يومها أخرج لبنان من غرفة العناية الفائقة، ليكمل عقد الأطراف المعنية، لكن إسرائيل وصلت إلى المؤتمر بشروطها، تقريباً، ومن دون أن تقدم تنازلات ذات شأن، ففشل المؤتمر، وفي الموزاة، جرت مفاوضات سرية بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني بعد المؤتمر أثمرت اتفاق اوسلو بين الطرفين في عهد رابين، ثم بعد سنوات عدة اتفاق وادي عربة بين الأردن واسرائيل برعاية الرئيس الأميركي بيل كلينتون.

لكن الانتظار اليوم، مرتعه وخيم، إذ لا يدري أحد من أين قد يأتي التفجير؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

24 نيسان 2024 11:37