25 حزيران 2024 | 07:54

أخبار لبنان

النصر الباهظ الثمن

مازن عبّود - النهار




للسلام أناس وللحرب أناس. من يفلح في كسب الحروب لا ينجح في صنع السلام.

ونستون تشرشل

لكن ماذا يعني النصر، أهزيمة العدو، ام الاستيلاء على اراضيه وتدمير اقتصاده ومجتمعاته وبنيته التحتية وتغيير نظامه وكسر إرادة المقاومة فيه، وكيف يقاس؟ أسئلة طرحها إيان (وهم النصر، 2011)، ونعيد طرحها اليوم.

حرب غزة دليل بأنّ كلفة السلام مهما كبرت اقلّ بكثير من تداعيات وتكاليف الحروب. ثمة نصر باهظ الثمن تكلّم عنه الاغريق "ليس بنصر"، وهذه حالنا.

جيمي كارتر قال خلال نيله جائزة نوبل للسلام)2002): "الحرب شر لا بدّ منه احيانا. الا انها بغض النظر عن ضرورتها تبقى شرا لا خيرا. لن نتعلم كيف نعيش معًا في سلام عن طريق قتل أطفال بعضنا البعض".

في 1899 أرسل رئيس بلدية القدس يوسف ضياء الخالدي رسالة الى حاخام فرنسا صادوق كاهن معربا عن قلقه من الهجرة اليهودية الى فلسطين. اعتبرها خطرا يهدد مصير شعبه، ودعا اليهود الى التفتيش عن مكان آخر (SEGEV,2024).

أراد وايزمان لإسرائيل ان تكون سويسرا الشرق لكن هذا مستحيل. فمن يدمن على الحروب ستجرفه الدماء. نتنياهو أرضى حماس لاغتيال مشروعات السلام، والنتيجة 7 تشرين. أزمتنا في مدرسة بن غوريون التي اغتالت رابين. حزب الله وغيره ردة فعل.

الاغريق اعتبروا «النصر الباهظ الثمن» ليس بنصر. تتكلّف إسرائيل يوميا 41 مليون دولار في غزة ((Dietrich,2024. بنك إسرائيل قدّر ان تصل تكلفة الحرب الى 53 مليار دولار بحلول 2025 جراء الإنفاق الدفاعي مع انخفاض في عائدات الضرائب. اضرار البنى التحتية في غزة حتى 31 كانون الثاني،18.5 مليار دولار وفق رويتر، أي ما يعادل 97% من الناتج المحلي الإجمالي لغزة والضفة الغربية في 2022. وهذا لا يشمل خسارة 37000 فلسطينيا وعشرات الالاف من الجرحى. اضرار لبنان بحسب جريدة الشرق الأوسط تعدّت 1.5 مليار دولار حتى شباط. وننتظر نهاية الموسم السياحي لقياس الكلفة الحقيقية. أمريكا انفقت في العراق (2003-2011) 2 تريليون دولار لتمويل حربها، بدون احتساب الانفاق على رعاية المحاربين القدامى. اما كلفة الحرب في سوريا فبلغت 442 مليار دولار، وفق الإسكوا (2018). تصوّر انّ كل تلك الأموال استثمرت في التربية والبنى التحتية مثلا!

طوّر معهد الاقتصاد والسلام (IEP) مؤشر السلام العالمي (GPI)لقياس غياب العنف والخوف من العنف. وقدّر التأثير الاقتصادي العالمي للعنف12.4% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في 2017 (Iqbal, Bardwell & Hammond,2021) فماذا عن اليوم؟

إسرائيل تهدد بحرب شاملة على لبنان فور الانتهاء من رفح بحسب ما ينقل عن هوكشتين. تهديدات قوبلت بتهديدات حزب الله بتحويل الحرب الى إقليمية. قبرص ملجأ اللبنانيين في دائرة الاستهداف، وهذا مرفوض. أالى اين نذهب، أالى القمر؟

نؤمن بقوة السلام التي تسابق الحرب وتضبطها. نؤمن انّ الأرض ليست جهنما بل شيئا من فردوس. لم نختر ولم يختر أولاد غزة ان يولدوا كي يموتوا. لم نختر ديننا ولا بلداننا ولا أهلنا. ليس القتل سبيلا للدفاع عن الله وليس لغة للتفاعل بين البشر. النصر هزيمة اذ ما أنتج خسارة للسلام العادل والمستدام. فلنفتش عن مشاريع بديلة. فلنتعلم من غزة بانّ "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" وفق محمود درويش. ولننشد جميعا مع جون لينون: " تقول بأني حالم لكني لست الوحيد. آمل أن تنضم إلينا فيمسي العالم واحدا."

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

25 حزيران 2024 07:54