2 تموز 2024 | 07:57

أخبار لبنان

هل ينتشل النانو زراعة لبنان؟

مازن عبّود-النهار



يوفر القطاع الزراعي 200.000 وظيفة (12 % من القوى العاملة). 8% من اللبنانيين يعملون في الزراعة. مزارعو التبغ يشكلون 30%. الازمة أدت الى انهيار نظام الائتمان الزراعي والى شح السيولة اللازمة للاستثمار في الأراضي. مما أنتج تراجعا للإنتاج في 2020 ب 38% مقارنة ب2018(سعادة، 2020). وبدل دعم البذور و المواد الأولية الزراعية دعمنا الكاجو. تعطل القطاع المصرفي مازال تحديا للقطاع. الإنتاج النباتي الحيواني تراجع ب26%. الانتاج النباتي استعاد حيويته اليوم لكنّ المداخيل تقلصت جراء تبخر الكثير من الأسواق. الزراعة تسهم وفق FAO(2021) بأقل من 5% من الناتج المحلي، نسبة تنخفض عاما بعد عام.

المناخات السياسية والانهيارات الاقتصادية والسياسية ليست العوائق الوحيدة امام تطور القطاع، فللتغيير المناخي والتلوث مفاعيل كارثية. يضاف الى ذلك تعطل الأراضي الزراعية جنوبا جراء حرب مساندة غزة.

قطاع يضمحل تدريجيا عبر السنين متأثرا بالظروف المناخية غير الملائمة وتراجع كميات مياه الري وتلوثها واستنزاف المياه الجوفية وتزايد الامراض والملوحة في التربة. الإنتاج ينخفض والكلفة ترتفع والأسواق تقفل امام انتاجنا. الاحتباس الحراري يضاعف وتيرة الازمات السياسية والاقتصادية وينهي الزراعة بشكل متسارع مباشرة وبشكل غير مباشر.

كما انّ المناخات السياسية غير الداعمة للتصدير وارتفاع كلفة النقل وتعاطينا غير الأخلاقي تجعل من بضائعنا اقل جاذبية. أضف الى ذلك غياب الرقابة وممارساتنا الزراعية التي لا تتطابق غالبا مع الشروط تفاقم من ازمة الزراعة وتسهم في تداعي مقومات امننا الغذائي في البلد.

الثورة الصناعية الثانية ما بعد الحرب العالمية الثانية حوّلت الزراعة صناعة. استحداث وسائل للري جديدة ومبيدات واسمدة وجرارات صنع الثورة الخضراء التي جعلت بلدانا كالهند والصين تمسي دولا عملاقة اقتصاديا. الا انّ استخدام المبيدات والاسمدة أدى الى تدهور نوعية التربة واستدامة الزراعة، وزيادة الامراض لدى البشر.

الثورة الصناعية الرابعة قد ترفدنا بالحلول الا انها تجعل من الزراعة مهمة تكنولوجية معقدة. عالميا تكنولوجيا النانو بدأت تستعمل لتحسين الإنتاج المستدام للمحاصيل وتسهم في انبات البذور والنمو والحصاد والتجهيز والتخزين ونقل المنتجات الزراعية. اضحى كل شيء نانويا حتى الأسمدة ومبيدات الأعشاب والفطريات وأجهزة الاستشعار والناقلات الوراثية النانوية وعوامل المعالجة الحيوية. هذه القنية تضمن توصيل العناصر الغذائية إلى الموقع المستهدف في النبات، مما يقلل من الخسارة ويزيد من الكفاءة. الزراعة تترقمن. لكن عقول الناس والكثير من الساسة مازالت في عصر الثورة الزراعية(Saritha, Anju, & Kumar, 2022) .

أنزيمات النانو تستخدم لجعل النباتات أكثر مقاومة للملوحة وتعديل الجينات يستخدم لتحسين المحاصيل. اما التحفيز الضوئي النانوي فيسهم في إزالة المواد السامة من البيئة. الا انه لا يمكن تجاهل الآثار السلبية الناجمة عن تكنولوجيا النانو. الأكيد باننا دخلنا عصر الزراعة الدقيقة وتكنولوجيا المعلومات التي تضمن تلقي النباتات ما تحتاجه بالضبط. الزراعة ما عادت للمهندسين الزراعيين حصرا بل تكنولوجيا دقيقة يشرف عليها باحثون في مجالات الحوسبة والتكنولوجيات الدقيقة والكيمياء والبيولوجيا. لبنان قد يستفيد شريطة ان تواكب جامعاتنا هذا الانتقال وتترجمه. والا فالنتيجة ستكون أراضا بلا انتاج ويد عاملة بلا عمل، وزراعة ممنوعات ما عادت تغني. العقل البشري خرّب النظام الطبيعي واليوم يستنبط وسائل للتعايش مع التداعيات، وهذا يأتي على حساب الفقير. المطلوب التأقلم مع احتباس يغمرنا بالمياه شتاء ويشعل غاباتنا صيفا ويحاصر انتاجنا. المطلوب حوكمة تستقطب التمويل وتعزز الجامعات، وهذا ما يجب ان يعمل عليه.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

2 تموز 2024 07:57