"الصدفة هي اعترافنا بالجهل" تولستوي (الحرب والسلم، 1865)
تهكم تولستوي على نابليون فكتب: "ألم يكن يعتقد بكل حزم أن كل ما في الكون يتوقف على مشيئته وحده؟". واعتبره "أداة لا معنى لها في يد التاريخ" المدفوع بقوانين عامة مثل تلك التي تحكم حركات الكواكب. اعتبر بانّ على المؤرخ أن يشرّح الظاهرة الاجتماعية إلى مكونات أصغر ومختلفة ويستخدم "قوانين الإحصاء والجغرافيا والاقتصاد السياسي ..." لشرحها. بالنسبة اليه مجموع إرادات الافراد هي أكثر من مجموع أجزائه. فالإنسان يذهب الى الحروب "لأنّ الحياة التي يحياها لا تناسبه، ونحن هنا لنقاتل من دون أن نفكر". بلد يسير بالصدفة بعد ان استسلم للجهل. وحوكمة عالمية لا تشاء ان تفهم لماذا يذهب الناس الى الحروب لانّ لا مصلحة لها بمعالجة أسبابها.
نتنياهو تقمص دور تشيرشيل في الكونغرس، وقال: "لكي تنتصر قوى الحضارة يجب أن تبقى الولايات المتحدة وإسرائيل متحدتين...في الشرق الأوسط يواجه محور الإرهاب بقيادة إيران، أمريكا وإسرائيل واصدقاءنا العرب. هذا ليس صراع حضارات. إنه صراع بين الهمجية والحضارة". ما جرى في الكونغرس مقلق لا بل مؤشر لحرب كبرى. فمن الواضح انّ العالم الغربي لن يقبل بانتصار السنوار على أنقاض غزة. فالموضوع يتعلق باستدامة النظام العالمي القائم. الدعم لنتنياهو ترجمه بمسلسل اغتيالات تشكل فتيل تفجير لحرب إقليمية كبرى. Cronin(2024) يعتبر بانّ حماس تنتهي حين تخسر دعم اناسها. لا تنتهي هذه المنظمات الا بالسلم والتنمية وفرص العمل والتربية. ما يجري يؤسس لزرع اجيال من العداء. هل يعقل ان يلقى المسؤول عن تصفية أكثر من أربعين ألف إنسان في غزة من أطفال ومدنيين مثل هذا الاستقبال؟
سيكون للحرب الإقليمية تداعيات كارثية على البنى الأساسية للاقتصاد العالمي من سلاسل انتاج وتوريد. ولبنان يتدحرج. اقتصادنا يعاني من إخفاقات غير قابلة للتصحيح. وقد اتكل على عيب لإلغاء آخر. اتكل على فشل الرشاوى لمعالجة فشل شلل الدولة مما حقق بعض الفعالية الاقتصادية. ثمة قطاعات لبنانيا استطاعت ان تتطوّر وتنمو على الرغم من الانهيار والعوائق التي تكبر بفعل تعطل الحوكمة. اركان قطاع الموضة والأزياء الراقية حلوا ضيوفا في سوق دوما على باتريك صوايا. قطاع بحسب "Statista" ينمو بمعدل 7.36% سنويا لبنانيا. فبلقت ايراداته 287 مليون$)2023(. ومن المتوقع ان تصل الى 381 مليون دولار أميركي بحلول 2027. اعتقد بانّ هذا القطاع قادر مع غيره على تغيير الوجه الاقتصادي للبنان، لو توفرت البنى التحتية الأساسية والحوكمة الرشيدة. لن ينقذنا من الانهيار الا الابتكار. والابتكار مرتبط بنظامنا التربوي. جامعاتنا ومعاهدنا بوابتنا الى القيام. عدم الغاء رخص المؤسسات التربوية التي قامت بأكبر عمليات تزوير شهادات بتاريخ البلد والاكتفاء بسجن بعض الموظفين أكبر اخفاق حوكمة بتداعيات زلزالية صامتة ابلغ من 4 آب. وقد بدانا كحملة شهادات دكتوراه نشعر بها لبنانيا وعالميا. لا يجب ان تؤدي سياسات وزارة التربية والحكومة من ورائها الى تشجيع الفشل واستدامة عمل جامعات إجرامية تربويا. قاتل شعب من ينهي مقومات البلد التفاضلية. تحدياتنا ليس فقط نتنياهو وجيوسياسية بل أخلاقية وتربوية. لا يجب ان نعترف بالصدفة ونستسلم للجهل. "فما ترتديه هو ما تقدم نفسك به لعالم عصر التواصل"، وفق ميوتشيا برادا. علينا اكساء بلدنا موضة تلائم العصر وليس تعريته، كي نستمر ويبقى. علينا كمجموع ارادات افراد رسم واقع مشرّف...
مازن عبّود
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.