20 آب 2024 | 09:06

أخبار لبنان

الحقيقة وحرية التعبير في خدمة الاقتصاد

الحقيقة وحرية التعبير في خدمة الاقتصاد

مازن عبّود

ما يقلقني ويشكل تحديا كبيرا على نظمنا المؤسسية والثقة امران.  تدهور لغة التخاطب العامة التي تعكس تفكير الناس ومستوى اداركهم لما يجري من حولهم.  وهذا ما تناوله #SKIDELSKY  في مقاله الأخير في #project_syndicate . فالأزمة بانّ العصر قد "حوّل معظم الناس الى دمى يكررون ما يبلغهم عبر وصائل التواصل". وما يصلهم نمطي وشحيح وسلبي غالبا. تدمر مئات الكلمات يوميا وتتسطح اللغة وتضرب المعنويات. الديمقراطية ليست فقط في الممارسة بل في التعبير.  والتغيير لا يأتي فقط في السياسات بل في اللغة والافكار أيضا.  اما الامر الثاني فحق الوصول الى الحقيقة.  فمن يمتلك المعلومة له ميزة تفاضلية على حساب من ليس له. ميزة تمكنه من جني الارباح. نعيش في عصر اسهال في المعلومات غالبيتها غير مكتمل او مضلل.  ولهذا انعكاس ليس فقط على الاقتصاد بل على مجمل العلاقات البشرية ونظرة الناس وتفكيرهم ولغتهم.  وهذا يعطل قراراتنا.  أترى من يتدخل لضمان عدم الكذب على الناس وعدم تحوّل الاغتيالات المعنوية للأفراد والمؤسسات الى ممارسة يومية؟ الخوارزميات التي هي في أساس وسائل التواصل تهدف الى تحقيق الأرباح عبر زيادة المشاركة. لذا، فانّ المعلومات المضخمة والمثيرة والسلبية التي تجذب الانتباه، أضحت الموضة. ولهذا تداعيات وجودية وصولا الى الاقتصادية. قل كلاما مثيرا ومضللا فتنال الاعجاب. والنتيجة بطولاتك لك انهيار الثقة وتداعي المؤسسات والأسواق.

بعض متابعي وسائل التواصل شاهدوا مسلسل بطلته امرأة على شاكلة "فطّوم حيص بيص" تتولى مهمة اغتيال بطريرك الروم وتمزج ما بين المعطيات والتضليل لإيصال رسائل برسم المتلقي. وهذا انموذج مريب لكيفية استخدام بعض الأجهزة لوسائل التواصل لتعطيل التواصل والاغتيال والتدمير وزعزعة الثقة.  وهذا ما يحصل في الاقتصاد أيضا ولبنانيا، حيث تمّ بث جملة اخبار مسمومة للضغط على الليرة. ما نتلقاه يوميا في الدين والسياسة والاقتصاد يؤثر على نظرتنا للآخر وقراراتنا.  الليبرالية وضعت حرية التعبير قبل الحق في معرفة الحقيقة.  وهذا كان ضروريا في عصر الصحف والاعلام المسؤول للجم السلطوية وإرساء ثقافة المحاسبة التي تلزم لضمان استدامة الديمقراطية.  الا انّ حرية التعبير في العصر الرقمي وعصر التواصل أضحت تستغل على نطاق واسع لضرب المؤسسات والأسواق. Mulgan(PS,2024) من جامعة كلية لندن دعا الحكومات الى تغيير دساتيرها وقوانينها كي يصير الحق في الوصول الى الحقيقة موازيا للحق في التعبير.  اعتبر بانّ من الضروري معاقبة من ينشر الأكاذيب بوسائل مالية ويحظر توليه للمناصب العامة والعمل في الاعلام. 

شخصيا ادعو الى تضمين حق وصولنا الى الحقيقة شرعة حقوق الانسان لزوم ضمان اتخاذنا القرارات الصحيحة لصنع مساراتنا.  أوافق مالغن باعتباره انّ حرية التعبير "ما عادت خيرا مطلقا" في الزمن الرقمي. نعم، ثمة ضرورة لموازاة حرية التعبير بحق الوصول الى الحقيقة والمعلومات. Bator (1958) يعتبر بانّ فشل الأسواق وفق نظرية التخصيص هو في عدم قدرة نظام السوق الذي يعتمد على العرض والطلب في دعم الأنشطة "الجيدة ومنع الأنشطة "غير المرغوب فيها".  وهذا ناتج وفق ما يقول عن عدم تماثل المعلومات، ومقاومة التغيير، وعدم كفاءة النظام الضريبي، وعدم اليقين، والتقلبات في الطلب.  عدم اليقين وعدم تماثل المعلومات والتقلبات في العرض إخفاقات تخلقها المعلومات المضللة او غير المكتملة. لا يجب ان تشكل الدساتير والقوانين عوائق امام الدول تمنعها من التصرف بشكل محايد لصالح الشعب (Smith,1776).

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

20 آب 2024 09:06