مازن عبّود
الأمن السيبراني يحمي الشبكات والأجهزة والتطبيقات والأنظمة والبيانات من التهديدات الإلكترونية فلا تتمكن من الوصول إلى البيانات،
للابتزاز، أو تعطيل العمليات التجارية. هذا أساسيّ في اقتصاد اليوم الذي يعتمد على البنية التحتية الرقمية. فأمن البيانات ضرورة
لانتظام عمل الشركات والحكومات والأفراد. وهذا ما جعل الامن السيبراني ضرورة اقتصادية لدرء الخسائر المالية عبر منع اختراق
البيانات وسرقة حقوق الملكية الفكرية، وصون ثقة العملاء. فالهجمات الإلكترونية التي تستهدف البنى التحتية الحيوية، تعطل الاقتصاد،
وتؤدي الى فقدان ثقة المستثمرين. تحديات جعلت قطاع الأمن السيبراني صناعة متنامية ترتكز على تصميم برامج وأجهزة وخدمات
لمعالجة تحديات ستتعاظم، وقد تؤدي الى فشل الأسواق.
لا يمكن التكلم عن اقتصاد رقمي بمعزل عن الامن السيبراني. ولا يمكن التكلم عن اقتصاد معرفي وابتكارات بدون حماية الحقوق الفكرية
عبر صون امن الشركات من القرصنة الالكترونية. لذا، فمن المتوقع ان يتابع القطاع نموه بشكل مواز لتنامي الاقتصاد المعرفي
والرقمي.
الا انّ معالجة هذا التحدي عبء مالي على الشركات الصغيرة التي يتألف منها الاقتصاد اللبناني بغالبيته. لذا، فهي مكشوفة امام أخطار
تتنامى بفعل الثورة الرقمية واشتداد موجات الاعتداءات الرقمية. الحرب بالمفرق المستعرة بين إسرائيل والحزب أضاءت على الانكشاف
السيبراني امام الإسرائيلي الذي يمتلك داتا معلومات الاتصالات والنافعة وكل شيء. وقد تعرض المطار لهجمات الكترونية. اغتيالات
كوادر حزب الله بالمسيرات امر اضحى شبه اعتيادي يوميا كنتيجة لذلك. فالانكشاف السياسي يولّد انكشافا اقتصاديا يفعّل الانكشاف
السيبراني.
IBM قدرت متوسط كلفة خرق بيانات شركة واحدة كبيرة في 2023 ب 4.45 مليون دولار. اما المعدل الوسطي لكلفة الخروقات
السيبرانية لشركة واحدة سنويا فتتخطى 18.3 مليون دولار. وقد قدّرت خسائر الشركات الصغيرة والمتوسطة سنويا ما بين 120 ألف
دولار إلى 1.24 مليون دولار لكل شركة حسب حجم وطبيعة عمل كل منها. تكاليف اختراق البريد الإلكتروني للشركات بانتحال رسائل
البريد الإلكتروني وخداعها للقيام بمدفوعات احتيالية، أدت إلى خسائر عالمية تجاوزت 43 مليار دولار بين عامي 2016 و2023، وفقً
مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي. الجرائم الإلكترونية كلّفت (2022) الاقتصاد الأمريكي 6.9 مليار دولار. ويتوقع ان تتجاوز تكاليف
الجرائم السيبرانية 15 تريليون دولار سنويا مع العام 2030، مما يجعلها واحدة من أكبر التهديدات التي تهدد الاستقرار الاقتصادي
العالمي. الا انّ حجم سوق الأمن السيبراني العالمي الذي بلغ في 2023 حوالي 223.91 مليار دولار مازال اقل بكثير من الخسائر التي
تقدر بتريليونات الدولارات. ومن المتوقع ان يواصل قطاع الامن السيبيراني نموه كي يبلغ 403.01 مليار دولار في 2027. لبنانيا، لا
ارقام دقيقة تتناول خسائر الجرائم السيبرانية وتأثيراتها، ولا لزوم لذلك. فنحن منهمكون بتمرير التيار بين ام الوزير والوصية على
الوزير. وبمقررات الحكومة بخصوص السماح بإدخال كلغرام من بزور القنب الهندي للاستخدامات البحثية لل LAU لزوم زراعته
لإجراء دراسة جدوى حول اسهاماته الاقتصادية المرتقبة للبلد. كلغرام عطل وزير الصحة والوزارة معه، فرفعت المسالة الى مقام مجلس
الوزراء للبت بها مجتمعا.
قلقنا يتضاعف ليس فقط بسبب الانكشاف السيبراني بل بسبب الانكشاف العقلي والقيادي. نخشى على بلدنا ومؤسساتنا الحكومية والبنى
التحتية الحيوية ليس فقط من الهجمات السيبرانية والتصيّد الاحتيالي وخرق بيانات الدولة وسرقة المعلومات التي يساء استعمالها، بل من
كلفة بعض العقول المحدودة في الحكم في زمن الثورة الرقمية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.