في إطار التعاون بين ملتقى التأثير المدني ومؤسَّسة كونراد آديناور - لبنان في مسار "لبنان وتحديَّات إصلاح السِّياسات: نحو رؤية متكامِلة"، نشرت المؤسَّستان ورقة عمل تحت عنوان " اللّاجئون السّوريون في لبنان: سيناريوهات محتملة ومبادىء لسياسة عامَّة".
الورقة التي أعدّاها معًا جوزيان مطر وزياد الصَّائغ صدرت باللّغتين العربيَّة والإنكليزيَّة ومما جاء فيها: "يطرح البقاء المُطوَّل للاّجئين السّوريين في لبنان هواجس بشأن الحفاظ على الهويّة الوطنيّة اللّبنانيّة، ويشكّل خطر مزيد من الهجرة نحو أوروبا ودول عربيّة أخرى. وفيما تركّز الهيئات الدّولية على الحاجة إلى عودة اللّاجئين إلى سوريا، على لبنان أن يواجه إحتمال محاولة توطينهم الدائم عبر اعتماد إستراتيجيّات فاعلة للتعامل مع هذا الواقع، والدَّفع باتِّجاه ديبلوماسيَّة العودة بدل الاعتماد على سياسة النكران. هذه المقاربة أساسيّة للوقاية من الأزمة وتفادي تكرار التاريخ العنيف الذي واجهه مع اللّاجئين الفلسطينيين."
وأضاف الكاتبان "ستستمرُّ أزمة اللّاجئين السّوريين كتحدٍ بنيويّ على المدى الطويل للبنان. وعلى عكس الاعتقادات الشعبويّة المغلوطة، فإنّ عودة اللّاجئين الفوريّة إلى سوريا، غير مستقرّة ومن دون ضمانات أمنيّة، تبقى أمرًا بعيد المنال. وبالتالي، فالسّيناريو الأكثر ترجيحًا هو البقاء المؤقت للّاجئين السّوريين في لبنان، تليه عودة تدريجيّة. وهذا الاحتمال قائم على واقع أنّ حركة عودة اللّاجئين إلى سوريا مستمرة منذ العام 2017. ولمعالجة هذا السّيناريو المحتمَل، من المفترض أن تعدّ السلطات اللبنانية خارطة طريق لمهمّة متعدّدة الأبعاد تشمل إعداد نظام تصنيف يقسّم اللّاجئين إلى فئات مختلفة: (أ) النّازحون الاقتصاديّون المقيمون في لبنان لأغراض العمل (ب) اللّاجئون النّازحون من سوريا بسبب النّزاع مع النّظام السوري وحلفائه (ج) اللّاجئون الذين يبحثون عن مأوى في بلد ثالث ويتقدمون بطلب إعادة توطين (د) اللّاجئون الذين ينتظرون حوافز ماليّة واقتصاديّة واجتماعيّة للعودة، والتنسيق مع الجهات الدَّولية ذات المصلحة المشتركة لجمع معلومات على ثلاث مستويات: مكان إقامة اللّاجئين الأصلي في سوريا، العقبات المستمرة التي تعيق عودتهم، وإستراتيجيّات القضاء على هذه العقبات على كافة المستويات."
وإذ اعتبر الكاتبان أنّ هذا السيناريو الأكثر ترجيحًا يتطلّب: "إدارة مستنيرة للأزمة؛ مع سياسة عامّة وطنيّة واضحة وقادرة على تحويل هذا التحدي إلى فرصة. في إطار هذا السيناريو، على السلطات اللبنانية تفهُّم واقعيَّة البقاء المؤقّت لنسبة من اللّاجئين السّوريين في لبنان لأسباب أمنيّة، ولكن تحت شروط قانونيّة صارمة. بالتالي، من الحيوي تنفيذ نظام التقسيم المذكور سابقًا لتأمين عودة تدريجيّة، وحماية للذين قد تكون حياتهم مستهدفة عند العودة بسبب أرائهم السياسيّة."
وختمت مطر مع الصَّائغ مُشيرَين إلى أنَّ " في أزمة اللّجوء السّوري، وبعد الاعتِراف بأنَّه من غير المتوقَّع أن تنخفض التحدّيات في المستقبل القريب، هناك حاجة ملحّة إلى إعطاء الأولويّة لتنفيذ السّياسات العامّة وإرساء مسار وساطة للسّياسة الخارجيّة والتدخّلات الديبلوماسيّة ووضعها على جدول أعمال الأولويَّات السياسيّة. كلّما تأخرنا، أصبحت الحلول أكثر تعقيداً. من هُنا فإنَّ الجميع معنيّون بالالتزام بحسّ المسؤوليّة وتبنّي سياسات عامّة مستدامة. على صانعي القرار اللّبنانيين بالتالي، الإبتعاد عن الإستجابات السياسيّة الارتجاليّة والاعتماد على المساعدة الإنسانيّة حصرًا، لصالح تكثيف جهود إعداد إطار عمل شامل ودائم للاستجابة الوطنيّة لأزمة اللّاجئين، مع أولويّة العودة."
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.