كتب جورج بكاسيني

24 تشرين الأول 2024 | 15:08

أخبار لبنان

"الإمارات معك يا لبنان ": الفرصة ما بعد الأخيرة

أبو ظبي - جورج بكاسيني


في الإمارات العربية المتحدة قلق لا يقلّ عن ذاك الذي يحاصر ملايين اللبنانيين والفلسطينيين . خيبات تتعاقب على لعنات شعبين تقاسما المرّ وطعم الإحتلال ، حتى إذا جاء دور العدوان على لبنان حلّت "الإمارات معك يا لبنان " ، تماماً كما حلّت مع فلسطين في الشهور التي سبقت .

من رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد الى أسفل الهرم ، مروراً بالمهندس والسائق والطبيب حسرة واحدة ، وعيون مسمّرة على الشاشات تواكب الوجع الممتدّ من قلب غزة الى قلب الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع . لذلك جاء الردّ سريعاً : "إسناد" صمود اللبنانيين ، وفي مقدمهم البيئة الحاضنة للمقاومة ، في وجه السياسة الإسرائيلية للتهجير والتجويع .

يتجنّب كثيرون الخوض في أسباب ما حصل وخلفياته ، لأن من المبكر إجراء تقييم سياسي علني ودقيق لما جرى ويجري على وقع هدير طائرات ال F 35 والصواريخ العابرة للحدود التي تغزو فضاء لبنان وفلسطين . وربما لهذا السبب ثمة نقاش في الإمارات ، كما في عواصم عربية عديدة ، هو أقرب الى الهمس منه الى العلن ، قبل وقف إطلاق النار وسيل الدماء . لكن المشهد أصبح واضحاً : إيران تزجّ البيئة الحاضنة للمقاومة في " مواسم الهجرة الى الشمال" والجبل وبيروت ، والعرب يحضنون هذه البيئة ويُبعدون عنها شبح الإنهيار .

هكذا باختصار يُعاد ترسيم الحدود بين مشروعين : الأول حارِق للحجر والبشر ، والثاني إطفائي اعتاد على إخماد الحرائق الواحدة تلوَ الأخرى ، رغم تكرار المعادلة المعروفة : نُشعل الحريق ثم نحمّل العرب المسؤولية بعد إخماده .. مع فائض من التخوين .

إبان عدوان تموز ٢٠٠٦ قيل للعرب " لو كنت أعلم" . في العام ٢٠٢٤ ماذا يمكن القول : كنت أعلم مثلاً ؟ أم العودة الى لازمة " لو كنت" ، مع أن تكرار الخطأ - باعتراف صاحبه - يرفعه الى رتبة الخطيئة ؟

سؤال استباقي يشغل بال العرب من المحيط الى الخليج رغم عدم الرغبة في "البكاء على الأطلال" ، لكن هل من عبرة يمكن أن يخلص إليها المغامرون بشعب وقضية وأمة ؟

ربّ قائل أن في هذا السؤال قدرٌ من الشماتة أو رهان على كسر " حزب الله " أو الشيعة عموماً ، وهذا وهم يدركه جيداً معظم العرب ، طالما أن للحزب قدرات عصيّة على الكسر من جهة ، وطالما أن الهدف الأقصى لبنيامين نتنياهو ، من جهة مقابلة ، لا يتعدى حدود انسحاب "حزب الله" الى شمال الليطاني . لكن هل يمنع هذا الواقع اللبنانيين والعرب من طرح السؤال تلوَ السؤال عن مستقبل هذه الدوامة المفتوحة الى ما شاء الله ؟

أوليس الإنتقاد الصريح للدور الإيراني في ما يجري من جانب ركنين أساسيين في البيئة السياسية الحاضنة للمقاومة ، أي الرئيس نجيب ميقاتي والنائب السابق وليد جنبلاط ، خير برهان على أن ثمة ما تجاوز كل الحدود ، مع العلم أن الرجلين يتعاملان بقدر عالٍ من المسؤولية منذ اللحظات الأولى للعدوان ؟

إثنان تغيّرا في الإقليم بعد 7 أكتوبر : اسرائيل وإيران . الأولى التي كانت تتجنّب الحروب الطويلة ، تسعى الآن الى إطالة أمدها . والثانية الهاوية الدائمة لسياسة حافة الهاوية تلوذ الآن بما سمّته "التراجع التكتيكي".

أما العرب الذين سبق أن منحوا لبنان ، بعد عدوان تموز ٢٠٠٦ ، " فرصة أخيرة" ، يمنحونه اليوم الفرصة ما بعد الأخيرة رغم ضياع السابقة في خطأ الحسابات والتقدير ، فهل تضيع مرة جديدة ونصبح أمام حالٍ من المغامرة هي أقرب الى المقامرة تقود لبنان الى "التفكّك والموت" على حدّ تعبير جان إيف لودريان ، أي الى الصوملة ؟

أما السؤال الأهم : أليس الأجدى لأي ضحية من ضحايا البيئة الحاضنة للمقاومة أن تبني منزلين ، بدلاً من أن تُعيد بناء منزلها نفسه .. مرتين ؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

كتب جورج بكاسيني

24 تشرين الأول 2024 15:08