المركزية أعلن "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي" أن "تصاعد الأعمال العدائية في لبنان ألحق خسائر فادحة بحياة الناس وسبل عيشهم"، مشيراً إلى أنّه "في حال استمر التصعيد الحالي حتى نهاية العام، فمن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد اللبناني بنسبة تصل إلى 9.2%، وذلك وفقاً لتقييم سريع أصدره اليوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويأتي خطر هذا التراجع الحاد في الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى الانكماش بنسبة 28% الذي تم تسجيله بين عامي 2018 و2022، مما قد يمحو المكاسب في الاستقرار الاقتصادي النسبي التي تحققت في عام 2023".
وأضاف في بيان: "حتى لو توقفت الأعمال العدائية بحلول نهاية عام 2024، فسوف يستمر الاقتصاد بالانكماش بنسبةٍ إضافيّةٍ قدرها 2.3% في عام 2025 و2.4% في عام 2026. ويُعزا هذا إلى أسبابٍ عديدة منها تباطؤ النشاط الاقتصادي المتوقع، والتباطؤ المتوقع في جهود التعافي وإعادة الإعمار، والخسائر الكبيرة في رأس المال في جميع القطاعات، بما في ذلك البنية التحتية الأساسية والمباني والمصانع والمعدات والمرافق. وقد يترجم تباطؤ الاقتصاد انخفاضًا في الإيرادات العامة بنسبة 3.2% في عام 2025 و3.1% في عام 2026، مما يؤدي إلى تفاقم التحديات المالية التي تواجهها الحكومة والحد من قدرتها على المحافظة على الخدمات العامة الأساسية".
وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر: "لا يواجه الشعب اللبناني التهديد المباشر للحياة فحسب، بل يعاني أيضًا من ارتفاع في معدلات الفقر، وعدم الاستقرار الاجتماعي، والاضطرابات المدنية. إن استمرار الصراع سوف يرتب أثارًا خطيرة للغاية على الاقتصاد والتنمية في لبنان على المدى الطويل. ما هو مطلوب الآن هو وقف فوري لإطلاق النار"، كما أكد مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أخيم شتاينر. "فلبنان بحاجة الآن إلى دعم ثابت من المجتمع الدولي. ويجب أن يتضمن هذا الدعم الإغاثة الإنسانية العاجلة، بالإضافة إلى الدعم الشامل للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والمؤسسي."
ويسلط التقييم السريع الصادر عن البرنامج المعنوَن "العواقب الاقتصادية والاجتماعية لتصاعد الأعمال العدائية في لبنان" الضوء على أنَّ "خطر توسّع دائرة الحرب إقليميًّا والتكنولوجيات العسكرية المتقدمة المستخدمة في عام 2024 يميّز بين الصراع الحالي والصراعات السابقة، مما يُلحق تأثيرًا شديدًا وبعيد المدى في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وفرص العمل، والنسيج المجتمعي. وحذَّر التقرير من أنَّ حجم الأعمال العدائية الحالية والسياق الجيوسياسي والأثر الإنساني والتداعيات الاقتصادية لعام 2024 يفوق بأشواط مترتبات حرب عام 2006 والتي أدت إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبةٍ تتراوح بين 8 و10% (خسارة مقدّرة بين 2.5 مليار دولار أميركي و3.6 مليار دولار أميركي)".
هذا وقد تأثر مؤشر التنمية البشرية في لبنان نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ عام 2019، وفي حين أنّ آثار هذه الأزمات عادةً ما تستغرق سنوات قبل أن تنعكس في مؤشر التنمية البشرية، إلاّ أنّ عواقب الأعمال العدائية الحالية ستؤثر في الأجيال الحالية والقادمة.
وقالت بليرتا أليكو، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان: "نحن ندعم الشعب اللبناني من خلال جهود الاستجابة التي تقودها الحكومة لضمان استمرار الخدمات الأساسية الضرورية. ويُسجَّل تزايد مضطرد في احتياجات كافة المتضررين من الصراع المتصاعد مع التنويه بأنّ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يُركِّز على دعم النازحين والمجتمعات المحليّة التي تستضيفهم". وأضافت إنَّ "هذه الجهود ضروريّة للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والحؤول دون تفاقم النزاع، وهو ما يُشكِّل أولويّةً لنا".
ووفق التقييم السريع، "يُرتّب الصراع آثارًا اقتصاديّةً عميقةً على المدى القصير، ناهيك عن انكماشٍ شديدٍ في قطاعاتٍ رئيسيّةٍ، مثل السياحة والزراعة والصناعة والتجارة وغيرها من القطاعات. ونتيجة تعطيل المعابر التجارية وسلاسل التوريد، والضرر المباشر نتيجة الاعتداءات، وانخفاض الطلب الاستهلاكي، اضطرّت مجموعة كبيرة من المؤسسات التجارية، وخاصة الشركات الصغرى والصغيرة ومتوسطة الحجم، إلى إغلاق أبوابها أو تعليق نشاطاتها. وتشير تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أنَّ ارتفاع معدلات البطالة سيؤثر في حوالي 1.2 مليون عامل في جميع أنحاء البلاد. ومن المتوقع أن يرتفع معدل البطالة ليبلغ رقمًا قياسيًّا قدره 32.6% بحلول نهاية العام".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.