28 تشرين الأول 2024 | 15:09

أخبار لبنان

الطائفة تسأل: “كربلاء الشيعة” إلى متى ؟

(نسيب حطيط)

تتعرّض الطائفة الشيعية بعنوانها المقاوم الى خطر وجودي على المستوى الديموغرافي والسياسي ،لم تتعرّض لمثله منذ هجوم المماليك على لبنان عام 1305م ، وتعرُّض الشيعة في كسروان وجبيل للقتل والتهجير وإحراق مقابرهم  او حتى تغيير “الدين”، حيث أُضطر البعض لحفظ حياتهم باعلانه أنفسهم من أصحاب الكتاب المسيحيين ،الذين يمكنهم دفع الجزية، للنجاة من القتل ، والبعض الاخر هاجر الى البقاع ،أما من بقي من دون قتل او سبي، فهم قلّة ما زالوا في كسروان وجبيل .

عاش الشيعة في الجنوب حرباً دائمة منذ احتلال فلسطين، وكانوا عرضة للقتل والقصف من العدو الاسرائيلي دون حماية من الدولة اللبنانية او دوله راعية من الخارج ،حيث ان لكل طائفة في لبنان راعياً اقليمياً او دولياً، من الأم الحنون “فرنسا للمسيحيين” او للأخوة السنّة “مصر ثم السعودية” وبعض الطوائف باتجاه الإنكليز.

عانى الشيعة منذ الحرب العالمية الاولى  وهزيمة العثمانيين الذين انهكوهم بالضرائب والتجنيد الاجباري المعروف “سفر برلك” وتعرضوا للمظلومية من ثلاث جهات :

– الاستعمار الفرنسي حتى استقلال لبنان .

– الدولة اللبنانية بعد الاستقلال وتهميشها لمناطقهم في الجنوب والبقاع مع عكار .

-القصف والاجتياحات الإسرائيلية والتي رافقها تموضع المقاومة الفلسطينية في الجنوب، فصار الشيعي محاصراً بين القصف الاسرائيلي والإدارة الذاتية الفلسطينية.

استطاع الامام موسى الصدر، إيقاظ وتنظيم القوة الشيعية، فعمل على بناء وتأسيس الهوية الدينية السياسية والثقافية والموقف، في مواجهة العدو الاسرائيلي وأسّس حركة مقاومة كانت لأول مره ذات فكر ديني وفق المذهب الشيعي، ووصلت الحالة الشيعية الى ذروتها بعد انتصارها على العدو الاسرائيلي وتحرير الجنوب، مدعومة من سوريا والجمهورية الإسلامية ، لكن الطائفة انتكست بإختطاف قائدها الامام الصدر في ليبيا.

تولّت الثنائية الشيعية (امل والحزب)  قيادة الشيعة منذ العام 1990، وقبلها حركة امل منذ انتفاضة شباط 1984 ، وشاركت في السلطة حتى مرتبة الإمساك بالقرار السياسي على مستوى الحكومة او مجلس النواب او على مستوى الإدارة الى ان بدأت حرب غزة !

أعلنت المقاومة في اليوم التالي إسنادها الميداني لغزة، ثم طوال عام كانت” الثنائية “بشكل مشترك تؤكد على ربط قرار وقف النار في لبنان مع غزة، وشاركت الحركة مع الحزب في الميدان ،بنسب مختلفة مع حضور لافت وشجاع لكشافة الرسالة في الميدان وحضور سياسي بالتفاوض عبر الرئيس نبيه بري، حتى وقع  اغتيال “السيد الشهيد” وبدأت الحرب الإسرائيلية البرية على لبنان التي حصدت 15000 شهيد وجريح شيعي، ومليون نازح و50,000 منشأه وبيت، بين مدمر ومتضرّر، وتدمير القرى وجرف المقابر، وما زالت مستمرة وبتوحش متصاعد.  

يسأل الجمهور المقاوم الشريف الصابر المسؤول والواعي عن مستقبله …ويطالب “الثنائية” التي منحها ثقته وانتخبها أكثر من ثلاثين عاما وسلّم لها قرار اختيار(الموظف والمختار ورئيس البلدية والنائب والوزير..) ورسم المستقبل، ويريد أجوبة واضحة ،لأن الجميع يخاف ان يكون مصيره ،مشابها لمصير غزة التي قاتلت للرمق الأخير وصارت منكوبة ، وان يخسر كل ما بناه  وما جمعه وكل ما ضحّى من اجله طوال عمره . فالأمور واضحة بأن الحرب على الشيعة بسبب موقفهم السياسي من “الربيع العربي” و”صفقة القرن” و “التطبيع” ،وأن القرار بإقتلاعهم من جنوب لبنان قد صدر وبدأ تنفيذه، وإذا بقوا في بقية الجغرافيا، سيكونون نازحين، لا مواطنين؟

هل ما يزال موقف “الثنائية” الحقيقي ربط وقف النار في لبنان مع غزة؟

واذا كان القرار الربط دون فصل ..فهل جهّزتم مقوّمات الصمود والنزوح لأشهر او سنة كاملة؟

هل قرّرتم تحميل الشيعة في لبنان، مسؤولية القتال نيابة عن الامة وبالوكالة عنها لتحرير فلسطين؟

هل سيبقى الشيعة في لبنان يقاتلون وحدهم دون إسناد من بقية المحور بشكل جدي وفعّال، خاصة من الأخوة في إيران الذين هدّدوا بالرد اذا تعرّضت قياداتهم واراضيهم ومصالحهم للإعتداء؟ .

هل يمكن ترك الطائفة المشتتة والمقتولة والمحاصرة دون مكاشفة من قيادة “الثنائية” التي تتولى ولاية أمرها؟

هل يمكن إبقاء الأخوة الاستشهاديين الذين صمدوا بشكل اسطوري طوال شهر، مقابل 50,000 جندي اسرائيلي مدعومين من اميركا والعرب ،يقاتلون لوحدهم، فيرتقي عشرات الشهداء كل يوم حتى وصلت اعداد الشهداء في بعض القرى ،أكثر من أربعين  شهيداً مقاوماً حتى الان… فكم سيصمد هؤلاء الابطال لوحدهم امام العالم؟

ما نقوله ليس لمحاسبة أحد في لحظة خطر وجودي،إنما لإنقاذ ما تبقى من التاريخ ومن الحاضر ومن المستقبل، ولا بد من مؤتمر جامع لهذه الطائفة ،لتقرير مصيرها الذي صار الآن في مهب الريح تقرره الطائرات والدبابات الإسرائيلية ولا يقف بوجههإ ،إلا الشهداء الأبرار والمقاومون الشجعان وصبر أهلنا الشرفاء النازحين… لكن الى متى ؟.

الطائفة تسأل وبصوت عال ومسؤول، وتريد اجوبة واضحة صادقة وواقعية قبل فوات الأوان.وجواباً على سؤال ،سألني إياه احد الأخوة المهجّرين من منطقة صور فقال: لقد ساندنا غزة الفلسطينية فقُتلنا وتهجّرنا ،بينما ما يزال سكان مخيمات صور وبقية المخيمات في بيوتهم(حماهم الله) فهل تم تهجيرنا لتنفيذ التوطين؟

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

28 تشرين الأول 2024 15:09