لفت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في رسالة الميلاد بعنوان "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر"، الّتي وجّهها من كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، الى اللبنانيين جميعا والمسيحيين خصوصا مقيمين ومنتشرين، إلى أنّ "عند مولد يسوع المسيح، مخلّص العالم وفادي الإنسان، أنشد الملائكة على مسمع رعاة بيت لحم: مجد الله في السماء، والسلام على الأرض، والرجاء في الإنسان. يتمجّد الله في السماء بابنه الأزليّ الذي صار إنسانًا في الزمن، مرسلًا من الآب مخلّصًا للعالم، وفاديًا للإنسان، فيخلّصه بنعمته، ويفتديه بدمه، ويجعله ابن الله".
وأكّد أنّ "السلام عطيّة سماويّة ثمينة، أخذت اسمًا على الأرض هو "المسيح سلامنا" (أفسس 2/ 14). هذا السلام مؤسّس على الحقيقة، ومبنيّ على العدالة، تنعشه المحبّة، وتجسّده الحريّة" . والإنماء الشامل للإنسان والمجتمع هو الاسم الجديد للسلام ، وطريق السلام يمرّ عبر الإنماء .
أمّا الرجاء ففضيلة إلهيّة متأصّلة في الإيمان، وتغتذي بالمحبّة. والرجاء صلة وصل بين الإيمان والمحبّة، وبالتالي هي الفضيلة الأحبّ على قلب الله (Charles Péguy). فأصبحنا كمسيحيّين أبناء وبنات الرجاء. فلا قنوط أو يأس، مهما اشتدّت الظروف والأهوال. فكلّ ثقتنا نضعها في وعود المسيح، غير متّكلين على قوانا الذاتيّة بل على معونة نعمة الروح القدس"، مبيّنًا أنّه "سيكون لنا في سنة اليوبيل 2025، كلام تأمّليّ في مرسوم الدعوة لقداسة البابا فرنسيس بموضوع "الرجاء لا يخيّب".
وأشار الراعي إلى أنّكم "بمعظكم تمتلكون مدارس وجامعات، صروح ثقافة مسيحيّة. وتعلمون أنّ ثمّة رباطًا لا ينفصم بين كلمة الله والكلام البشريّ، الذي به يتواصل الله معنا. من هنا العلاقة بين كلمة الله والثقافة. في الواقع، لا يكشف الله ذاته للإنسان بطريقة مجيدة، بل بتبني لغات وصور وعبارات مرتبطة بثقافات مختلفة.
كتب القدّيس البابا يوحنا بولس الثانيّ في ارشاده الرسولي: "رجاء جديد للبنان": تدرك المؤسّسات الكاثوليكيّة التربوية إنّها تسهم في بناء المجتمع بواسطة التربية التي هي فنّ تنشئة الأشخاص، وتسهم في تعميق الثقافة اللبنانيّة وفي تنمية الروابط بين الأجيال، وتسمح للشباب بأن يواجهوا بصفاء مستقبلهم، وبأن يجدوا أسبابًا للعيش وللرجاء. والمؤسسات التربوية الكاثوليكيّة تجتهد في تربية الأجيال الطالعة على الأسس الثقافيّة والروحيّة والخلقيّة التي تجعل منهم مسيحيّين ناشطين، وشهودًا للإنجيل، ومواطنين مسؤولين في بلادهم (الفقرتين 106، 107)".
وأفاد بأنّ "البابا القديس يذكّر بأن الثقافة اللبنانيّة هي ثقافة العيش المشترك، والحوار بين المسيحيّين والمسلمين، على مستوى الحياة والثقافة والمصير المشترك، وثقافة الحريات العامة والانفتاح على الدول. إيمانًا منكم بهذا الدور الثقافيّ والخلقيّ، فإنّكم تضحّون التضحيات الجسيمة في المثابرة على دور المدرسة والجامعة، على الرغم من كلّ التضحيات الماديّة في هذه الظروف الصعبة".
كما شدّد على أنّ "لا خلاص للبنان إلاّ بالعودة الى ثقافة الحياد الإيجابيّ الناشط، الذي يجعل منه ما هو في طبيعة نظامه السياسيّ، فيكون فيه جيش واحد لا جيشان، وسياسة واحدة لا سياستان، ولا يدخل في حروب ونزاعات أو أحلاف، بل يحافظ بقواه الذاتيّة على سيادة أراضيه ويدافع عنها بوجه كل معتدٍ، ولا يتدخّل في شؤون الدول. هذا الحياد يمكّن لبنان من القيام بدوره الفاعل كمكان لقاء وحوار بين الثقافات والأديان، ومدافع عن السلام والتفاهم في المنطقة"، مركّزًا على أنّه "لا بدّ من المدرسة الكاثوليكيّة والجامعة ان تربّيا الأجيال الطالعة على ثقافة الحياد الإيجابيّ الناشط والفاعل".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.