النهار-مازن عبّود
اعتبر بورديو (1990) بانّ "الهابيتوس" الذي صنعه التاريخ ينتج الممارسات الفردية والجماعية وفقًا للظروف الاجتماعية. هوية تشكل مجموعة من أنظمة الميول الدائمة والقابلة للتحويل والعمل وتنظيم الممارسات.
انتفاضة الميلاد نبض حياة. رسالة مفادها انّ سوريا ترفض الافغنة. ومعها نسأل أي نسخة للإسلام ستتبع في ارض الاعتدال، هل نسخة الدول الخليجية المتحضرة ام تلك التي لا تشبه العصر؟ المسيحيون بانتفاضتهم ابلغوا الجميع بأنهم متجذرون. فالماضي بحسب بورديو هو الحاضر. الهبيتوس الذي تشكل بفعل التاريخ لم يزله الخوف الذي حرّك انتفاضتهم. فسوريا الاموية هي الامورية والفينيقية والسومرية والنبطية والرومانية والسريانية والانطاكية والكردية. مجموعات ترفض الانقراض.
شجرة الميلاد الألمانية الاصل تحوّلت غربية، قبل ان تصبح رمزا ميلاديا جامعا. ورفض حرقها في حنايا المسيحيين صرخة.
شجرةالسقيلبية أشعلت جماعات مكوّنة للكيان السوري الذي لا يمكن اختزاله بلون واحد. خرج الناس للتعبير وهذا دليل حياة. فسوريا تاريخ تنوع يمتد من الماضي الى الحاضر فالمستقبل. سوريا التي اعتبرها عالم الاثار هنري سيريج بانها "ليست مجرد بلد بل مكتبة للتاريخ وارشيف أبدي للثقافة الإنسانية" يجب ان تبقى حية، والا الجاهلية ابتداء منها وصولا الى كل المنطقة.
سقط نظام جائر وتلقف المسيحيون التغييرات، لكن متأخرين. تخطوا عقد الخوف واظهروا انّ ولاءهم للدولة وليس للجماعات والأنظمة. وها هم يزودون عن هويتهم، وهذا ما يجب احترامه! لكن عليهم التحلي بالحكمة دون الوقوع في الخوف والذمية. الازمة علمتهم انّ التغيير هو الثابت الوحيد، وبانّ العدالة وحدها تضمنهم.
سوريا الجديدة مدعوة الى اعادة تسطير قواعد تضمن تنوعها ورفاه وحرية مكوناتها والا التصحر والنزف والصراعات.
حركة البطريرك يوحنّا أعطت اطمئنانا. اشعرنا بانه والبطاركة تحرروا. اظهر شجاعة ومرونة وتكيّفا دون محاكمة المراحل. قابل ذلك أداء مقبول من الحكم الجديد، وعلى ان تستتبع الخطوات.
وتبقى الخطوة الأهم في تحويل التحديات الحالية الى فرص للحفاظ على الأرشيف الحضاري المعاش سوريا. على المكوّنات تسخير نفوذها ووجودها العالمي لتامين ديمومتها. الانتقاء الطبيعي الذي تكلم عنه داروين (أصل الأنواع،1859) يجعل الأجناس القادرة على التكيّف وصنع المستقبل وحدها تستمر. وسيستمرون...
اتصل بي صديق سوري طالبا ان يكون اعلامنا الحر صوتهم. واني اعتقد بانّ علينا مواكبتهم لتذوّق الحرية! فسوريا الديمقراطية والحرة والمزدهرة ضرورة لنا وعامل استقرار اقليمي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.