ودعت الصحافة اللبنانية النقيب الأسبق للمحررين الأمير سعيد ناصر الدين في مأتم مهيب وحاشد أقيم في مسقط رأسه في كفرمتى شارك فيه عدد من مشايخ طائفة الموحدين الدروز وممثلي هيئات سياسية وحزبية وإعلامية وإجتماعية وعسكرية وقضائية ونقابية وأعضاء مجلس نقابة محررين الصحافة، تقدمهم نائب النقيب الشيخ صلاح تقي الدين الذي ألقى كلمة بإسم النقيب جوزف القصيفي لوجوده خارج لبنان، وجاء فيها:
يا أكرم الراحلين واغلاهم، يا سليل عائلة امتهنت ملاعبة السيف ومغازلة الكلمة، وافسحت لها في مضاربها المكان الاسمى، نثرا وشعرا وتدقيقا لغويا، فكان دورها في كفرمتى وانى حلت محجة ومثابة. رحلت في اليوم الأول من العام الجديد بعدما اثقلت عليك أحزان الوطن المستباح السيادة، وقد باتت أرضه سداحا مداحا لكل طامح يريده ساحة، ولكل لائذ ليلطو وفي رأسه الف حساب وحساب، فيما ابناؤه يغرقون في انقساماته.
برمت من الحياة، وما برمت تبرم بك، لكنك آثرت الرحيل مخلفا الذكر الطيب صحافيا حرا نظيف الكف، عف اللسان، تعرف بماذا تنطق فلا يزل بك أو يأخذك إلى مدارات لا تشبه طبعك ولا تربيتك ولا نشأتك الوطنية التي قامت على الوحدة والألفة والاعتدال. والى تضلعك من لغة الضاد تمكنت من ثقافة الحرية، فذدت عنها وكنت حارس بوابتها، وفي خط الدفاع الأول عنها في نقابة محرري الصحافة اللبنانية مستشارا، عضوا في مجالسها المتعاقبة منذ ستينيات القرن الغابر، فنائبا للنقيب لدورات عدة، وبعد رحيل رفيق دربك، وتؤام روحك النقيب ملحم كرم اكملت المشوار على رأس النقابة، فسرت بها بين المسالك الوعرة ووسط التحديات الصعبة التي عصفت بها بعد رحيله، ووضعتها على السكة الصحيحة. وفي عهدك تحقق انجازان: إمتلاك النقابة مقرا جديدا لها، وتعديل النظام الداخلي القديم الذي كان قد مضى على وضعه ربع قرن ويزيد.
وكنت يا "مير سعيد" في كل ما تفعل وتسعى اليه تعتصم بالصمت، فلا مباهاة او تشاوف، بل تواضع جم شأن السنبلة المكتنزة بقمح العطاء. وفي دفاعك عن الحرية دفعت اثمانا غالية، فدخلت السجن لمرتين وفي إحدى هاتين المرتين انتخبت لعضوية مجلس النقابة، وعن هذه الواقعة قصيدة جميلة لشقيقك "المير" طارق تؤرخها وتندد بالطغاة وتنتصر لمجد الكلمة الطليقة من القيود والعابرة للحدود. صبرت على مكائد الزمان،وتقبلت خطوبها بانفة لم تتمكن من حجب المك الكبير، وكنت تستعيذ برحمة الله وتوكل أمرك اليه، وهل من مصيبة أشد وقعا من فقدان وحيدك فلذة كبدك، فداويت جرحك البليغ الذي حفر عميقا في قلبك بقوة الإيمان الذي إعتصمت به.
يا "مير سعيد"، احببناك، فبكيناك مرسلين دمعة غالية على فراقك، لأنك كنت إلى رفعتك، وعلو هامتك، جدولا رقراقا،عذب المياه يروي من يغب منه ادبا وخلقا واخوة وصدقا. واذا كان الموت حقا على عباد الله، فإن حقك علينا ان نترحم عليك مثنى وثلاثا، لأنك انتقلت من هذه الفانية لتستقر في سفر الخالدين. التعازي اسوقها إلى زوجتك الفاضلة وابنتيك وسائر أفراد العائلة باسم صديقك ورفيق دربك نقيب المحررين جوزف القصيفي الموجود خارج لبنان والذي كلفني بتمثيله ورثائك، واعضاء مجلس النقابة والنقابة، ولسان حالي يردد : الموات لا يدرك من كانت الكلمة مهنته، والحرية عقيدته، والشجاعة مسلكه، والشرف والاستقامة نهجه، فنم قرير العين يا أحب الراحلين واكرمهم.
كما ألقى الشاعر عادل خداج كلمة رثا فيها الفقيد.
وتتقبل عائلة الفقيد التعازي حتى الساعة الرابعة من بعد ظهراليوم في كفرمتى، وغدًا في دار طائفة الموحدين الدروز في بيروت من الساعة الحادية عشرة قبل الظهر وحتى الساعة الخامسة عصرًا.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.