لم يتقبل رواد الحمرا ان يفقدوا رمزاً انسانياً، يرفد صباحاتهم المثقلة بالهموم. انه بائع الكعك أبو علي، الذي ضاقت الشوارع بعربته المتهالكة غير المرخصة، وتقرر سحبها من التداول.
ألف دولار تعيد عربة "أبو علي" في شارع الحمراء أحسن مما كانت عليه . الحملة بدأت بعدما افتقده رواد شارع مستشفى الجامعة الاميركية الذين اعتادوا على رائحة كعكته صباحا وعصرونية، ليتبين بأن عربته جرت مصادرتها بفعل عدم حصوله على ترخيص مسبق. فكان أن تحرك زبائنه من خلال حملة "إذا ما معك ألف معليش"، مدعومة بدعوات للمساعدة على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال تأمين مبلغ مالي ورخصة تخوله العودة الى العمل من دون الخوف من ملاحقات دوريات القوى الامنية .
يبيع أبو علي "الستيني" الكعك منذ سنوات مناضلا في تحصيل قوته اليومي بدلا من أن يكون عالة على قريب أو جار، فانتقى عربة متواضعة خولته كسب شعبية كبيرة بين رواد الشارع الذين اعتادوا على كلماته الطيبة وبشاشة وجهه وإرادته التي لا يكسرها زمهرير أو ضربة شمس. وكان يغيب ليوم أو يومين بالأكثر بداعي أمراض باتت مقيمة في جسده تلويه مرة ويعاندها مرات، منها الضغط والسكري والقلب ومضاعفات لا تسد الكعكة في مداواتها، وإنما تسنده بالقليل من أجل أن لا يجوع. وبمضي السنوات بات أبو علي الحضن الدافئ للكثير من العاملين في المحيط، بحيث يشكون له أحوالهم فيرد بالدعاء والتوفيق والصبر مرددا:"لا بد إنها تفرج".
على حسابه على "فيسبوك"، نشر المحامي حسن عادل بزي منشورا عن أبو علي، والذي تبين بأن اسمه محمد علي جواد، مؤكدا بأن عربة الاخير جرت مصادرتها لعدم حصولها على ترخيص الامر الذي استدعى التقدم بطلب ترخيص عربة متجولة الى بلدية بيروت ، معلناً عن انطلاق حملة لجمع ثمن عربة جديدة تقدر بمبلغ ألف دولار أميركي".
وبانطلاق الحملة تتالت الكتابات المتضامنة مع "أبو علي"، ومنها: " مين منا ما اشتغل بالحمرا او حتى مرق مرقة طريق وما مرق اشترى كعكة من عمو أبو علي.. وكان اول كلمة يقلك ياها ما معك مصاري عمو روح منا أزمة بس تتسهل بتعطيني.. عن ألف ليرة عم يحكي اي عن الف ليرة. مين منا ما صبح عأبو علي بكلمة صباحو ورد عليه "يحميك الله صباحك ورد"..مين منا ما بيحب هيدا الزلمي الختيار اللي ضحكتو معباية شارع الحمرا..
وبانطلاق الحملة التي باتت قريبة من تحقيق حلم أبو علي في امتلاك عربة كعك "شرعية"، يستعيد شارع الحمراء همّة رواده الذين طالما شكلوا رافعة إنسانية واجتماعية وثقافية وأخلاقية منذ الخمسينيات والى يومنا هذا.
ويستعيد أبو علي ب"ألف ورا ألف" رفيقته وسنده في شيخوخة فرضت عليه شروطا صعبة ومستحيلة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.