كتبت صحيفة "اللواء": لم تغب فكرة توطين الفلسطينيين في اماكن تواجدهم بالدول العربية ومنها لبنان عن بال الاميركي والاسرائيلي، وتحت مسميات شتى لما تسمى عملية السلام وآخرها اسم «صفقة القرن»، التي بدأ مهندسها جاريد كوشنر صهر الرئيس الاميركي دونالد ترامب الترويج لها باجتماعات وزيارات علنا وسرا، لتمريرها بكل بنودها الخطيرة، والتي تعني تصفية القضية الفلسطينية وتصفية حقوق الشعب الفلسطيني والدول العربية الاخرى التي تحتل اسرائيل اراضٍ فيها.
وفيما العالم العربي غارق في خلافات وصراعات لا طائل منها سوى تدمير القدرات العربية ومقومات الاستقلال السياسي والاقتصادي، أعلن كوشنر يوم الخميس قبل الماضي، أنه سيكشف النقاب عما وصفه خطته المنتظرة للسلام في الشرق الأوسط والتي باتت تُعرف بـ«صفقة القرن»، بعد انتهاء شهر رمضان مطلع حزيران المقبل. وأكد كوشنر «أن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل سيكون جزءا من أي اتفاق نهائي، وأن خطته للسلام لن تأتي على ذكر حل الدولتين لأنه امر خلافي» حسب رأيه.
ويبدو ان المسعى الاميركي لطرح «صفقة القرن» بدأ جديا للبحث ووضع طرق التنفيذ، وبدأ كوشنر يكشف تدريجيا بعض عناوين الصفقة بعدما صمت طويلا وغياب عن الاعلام وكان حذرا في مقاربة هذا الموضوع لحين إنضاج ظروفه وارضيته، وقد استشعر الان ربما ان الظروف مواتية لطرح الموضوع على العرب بشكل عملي، بعدما افتعلت اميركا صراعات جانبية في المنطقة أدخلت فيها العرب فطلب بعضهم حمايتها، وهو امر قد يكون هدفه الفعلي فرض «صفقة القرن» عليهم مع مغريات عديدة اخرى، قد تكون منها تسويات لمسائل وخلافات صغيرة او كبيرة.
وهنا يُطرح السؤال في ما خصّ لبنان، عن سبب فتح الشهية الاميركية الان لتسوية النزاع الحدودي بين لبنان والكيان الاسرائيلي، مع انه مطروح منذ تحرير الجنوب عام الفين وتكرر بعد حرب تموز - اب عام 2006، ولم تكن اي ادارة اميركية تعيره الاهتمام اللازم بل كانت تقف مع الكيان الاسرائيلي في هذا الصراع الحدودي؟
وتشير بعض المصادر الى ان الجانب الاميركي اهتم مؤخرا بموضوع ترسيم الحدود مع لبنان، ليقينه انه عامل متفجر خامد لا يعرف احد متى ينفجر، وان اي توتر على الحدود الجنوبية بين لبنان وفلسطين المحتلة قد يفجر وضع المنطقة كلها او يؤخر مسار مشروع «صفقة القرن»، ولهذا ايضا ربما تراجعت الادارة الاميركية عن ضخ اجواء الحرب في الخليج لأن اي صدام عسكري مع ايران سيقلب الامور رأسا على عقب ولا احد يضمن كيف ستكون النتائج ولمصلحة من؟
وبات من المؤكد ان المغريات الاميركية لتمرير «صفقة القرن» تهدف الى ضمان قبول الاطراف المعنية بفكرة توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ودول الشتات الاخرى مثل سوريا والاردن ومصر، وان من ضمن المغريات أمور مالية كشطب الديون او بعضها عن لبنان ودول اخرى مثل الاردن، وتقديم مساعدات مالية واقتصادية، ونقل عدد كبير من الفلسطينيين في لبنان الى غزة ودول عربية واوروبية متعددة، كما يتحدث البعض عن ان الوفود الاميركية الاوروبية التي زارت لبنان طرحت موضوع صفقة القرن وتوطين الفلسطينيين ولو لماماً لجس النبض، وجاء الجواب برفض التوطين تحت اي ظرف وسبب.
ولكن تقول مصادر متابعة للملف ان الاساس في نجاح او فشل «صفقة القرن» يكمن لدى الفلسطيني ذاته، فإذا وافقت القوى والفصائل الفلسطينية على الدخول في مفاوضات وفق سيناريو «صفقة القرن» يصبح تحقيق المشروع سهلا او يتعطل اذا رفضت، كما ان الموقف المصري مؤثر سياسيا، لكن الموقف الاكثر تأثيرا قد يكون لإيران لأنها القادرة عمليا على التأثير على الارض من خلال الفصائل المسلحة التي تدعمها سواء في غزة والضفة الغربية لفلسطين او في لبنان. ومن هنا يمكن فهم كل الضغط السياسي والاقتصادي والعقوبات الاميركية التي تُمارس على ايران و«حزب الله» من اجل محاولة تطويعهما وإضعافهما لتسهيل تمرير «صفقة القرن».
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.