أهكذا هي الحياة؟ ظالمة، تكره المنصِف، كاذبة، تكره الصادق، خائنة، تكره الأمين...
أم هي عادلة راحمة، تستبعد العفيف من بين الخونة، تخطف المخلصين من بين الأفّاكين، وتقبض على المستقيمين خوفاً من الملفّقين...
هي حياة يصعب فهمُها، ويستحيل استيعابُ تسوياتها...
رجلٌ في بيته، يعتني بأبنائه، يهتمّ بإخوانه، يستمتع بتعليم من كان طالباً للعلم، يعتني بجمال حديقته، يرمّم حجار منزله، يراعي ويجاري جيرانه...
يبذل أغلى ما يملك بهدف تحويل بيته لمضافة عالمية متميزة... يحصّن داره، يهتمّ ببُناهُ التحتية ويحضّر للخروج عبر منصّات عملاقة إلى البلدان الخارجية...
بيته كان لبنان، غرفته الرئيسية كانت بيروت، غرفه الأخرى كانت طرابلس وضواحيها، غرفة أهله كانت صيدا المحاطة ببساتين الليمون، ومتنفسّه كان البقاع والإقليم...
كان يبني إنساناً، إنساناً يتربّع لبنان على أيمن هويته، وفي أيسر صدره...
كان يرسم أحلاماً، ويحقق طموحاتٍ... كان الأملَ والسندَ والضمانة... كان الشوكة في أحداق المبغضين والحاقدين والسّكّينة في قلوب الأشرار والحسودين...
وإذ...
تقع الواقعة،
غيرُ المتوقعة،
وتحقق الشرورُ فعلتها،
وتنفث الأفعى سمّها.
يُدوّي صوت انفجار في وسط قلبه...
صوتٌ تخرس من بعده الكلمات وتصمت الآهات لتنفجرَ بعد سويعات عيونُ وحناجرَ اللبنانيين الأنقياء...
لا جسد، لا روح، لا صوت...
سوى...
رحمةٌ من الله على ضيف اختاره وأراده بجواره... وله سبحانه وتعالى في ذلك حكمةٌ وعبرة أن اصطفاه ليريحه بجانبه من شياطين الإنس وألاعيبهم الدنسة...
وعلى أحبابه واخوانه وأبنائه،
كانت الكارثة... رحلت اليَدُ الجامعة، رحل الصوت المنادي بالعيش المشترك، توقّف القلب النابض بحبّ لبنان، وأُغمضت العين الطامحة لبلد أفضل...
من منّا لا يذكر صوتَ ذلك الانفجارِ المفصليّ؟؟؟
انفجارٌ لم يكن دَويُّه يشبه أيَّ دَويّ... دويّه لا زال يصدع حتى الآن، وسيبقى يصدع...
ولن ننسى أبداً الأشلاءَ والحجارة التي لا زالت تتطاير حتى اليوم، بعد أربعة عشر عاماً...
وستبقى في أذهان المخلصين المفجوعين إلى نهاية المدى...
بدمعة حارقة نرثيك كل رابع عشر من شباط: " لأنك لم تكن رجلاً عادياً، كنت رفيق الوطن... وها نحن رأينا ونرى ويلاتِ الوطن بعد رحيلك أيها العملاق الذي لن تطالك ولن تطال شموخك وضاعةُ فعلتهم وحقارةُ صنيعهم وستبقى سامياً بروحك ومشعّاً بنورك الذي سيبقى يحرق قلوبهم وينير مستقبلنا..
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.