بلال حسن وهبة
مع إستقالة محمد جواد ظريف المفاجئة عبر إنستغرام، والتي عبرت عن ردة فعل إستيائه من طريقة التجاهل التي عومل بها أثناء زيارة بشار الأسد إلى طهران، حيث إستبعد عن حضور جميع اللقاءات التي جرت مع المرشد علي خامنئي والرئيس الإيراني حسن روحاني، والرسالة التي فسرتها عملية الإستبعاد على أنه لم يعد مكان لظريف في السياسة الإيرانية القادمة.
سواء قبلت إستقالة ظريف أم لا، فإبتسامته لم تعد مجدية وسياسته الناعمة لم يعد لها مكان في قادم الأيام، فمع إلغاء الرئيس الأمريكي دونلد ترامب ملف الإتفاق النووي الإيراني الذي أبرمه سلفه براك أوباما، وإنتهاجه سياسة جديدة تجاه إيران، سياسة التطويق والتحجيم بعد أن تمددد نفوذها وعبوره الحدود المسموح بها، في اليمن وسوريا ولبنان والعراق والذي أصبح يشكل خطرا على المصالح الأمريكية في المنطقة العربية، ومع هذا التبدل في السياسة الأمريكية لم يعد أمام إيران إلا أن تغير أسلوب سياساتها الخارجية ووجهه المتمثل بظريف.
وتعليقا على إستقالة ظريف يقول "مايكل سينج" الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ، أن الإستقالة لم تكن مفاجئة وكانت متوقعة
لأن السياسات التي إنتهجها ظريف لم تعد تنسجم مع واقع الإنسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، وأن المرشد الأعلى علي خامنئي كان منتقدا للغاية للاتفاق النووي والتواصل مع الغرب والذي كان ظريف يمثل هذا الإتفاق والتواصل، كما يشير إلى أن هذه الإستقالة تعني عودة صقور السياسة الإيرانية إلى الواجهة .
وعن مشهدية حضور قاسم سليماني الوجه الآخر للسياسة الإيرانية وغياب ظريف عن لقاءات بشار الأسد مع القيادة الإيرانية، والتي غاب عنها العلم السوري كإعتبار إيراني أن بشار الأسد مجرد ممثل لإيران في أرض تابعة لها، يقول "أفشين مولافي" الباحث في معهد السياسة الخارجية بجامعة جون هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة بواشنطن أن الإيرانيين عمدوا إلى استدعاء بشار لوحده بحضور سليماني، لإيصال رسالة مفادها أنه في حماية الحرس الثوري فقط، وأن النظام الإيراني هو السبب الأساسي في استمراره وصموده حتى هذه اللحظة وله الكلمة الأخيرة والعليا في الشأن السوري وأن هذه الرسالة موجهة الى الولايات المتحدة والأطراف الأخرى على حد سواء.
وإن غيمت في طهران ستمطر ببيروت مع وجود حزب الله اللبناني، رأس حربة المشروع الإيراني المتقدم، والذي يعتبر كومندوس إيران الخارجي حيث يخوض معاركها الخارجية التي تديرها بالوكالة، وما معزوفة محاربة الفساد والعراضة التي قام بها أحد نواب حزب الله والتي تعبر عن بدء الحملة بالتصويب على الرئيس فؤاد السنيورة ومن ورائه المشروع الذي يمثله ويعتبر أحد رموزه ومهندسه المالي، مشروع الحريرية السياسية إلا حلقة تدور في فلك السياسة الإيرانية التي ستتبع في قادم الأيام ، أي السياسة التصعدية وتحريك جميع الأوراق الإيرانية دفعة واحدة ،
فاستهداف الرئيس السنيورة، رسالة واضحة المعالم موجهة إلى رئيس الحكومة سعد الحريري والخط الذي يمثله، أن مؤتمر "سيدر" ومشاريعه لن تمر مرور الكرام بل أنه سيتم تعطيلها لتكون رسالة قوية للغرب أن لبنان يدور في فلك النفوذ الإيراني ولا يحصل أمر من دون موافقة حزب الله كما حصل مع موضوع تشكيل الحكومة حيث وقف تشكيلها لمدة تسعة أشهر.
ولكن ما لم يدركه حزب الله ومن خلفه إيران أن الغرب غير متحمس لمؤتمر "سيدر" ولا يهمه إن نجح أوفشل ، فنجاح مؤتمر سيدر وتنفيذ مشاريعه تصب فقط في مصلحة لبنان واللبنانيين، ويمثل خشبة الخلاص التي ممكن أن تنقذ لبنان من الإنهيار الإقتصادي الذي أصبح قاب قوسين أوأدنى، وإن حصل سينهار الهيكل على رؤوس الجميع وفي مقدمتهم حزب الله.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.