لم يبلغ الحلم ولم يجر عليه قلم عندما رأى جدته تدخل مسرعة وتخرج بسرعة اكبر من والى البيت العتيق بأحجاره وقنطرته العملاقة المقدودة من صخر تعجز مناشير الكسارات عن سكبه وصبه ونوافذه وأبوابه الخشبية المنحوتة على يد أمهر النجارين المصريين .
كان يسمع أصواتا خشنة في السماء وشخيرا لآليات تخلف وراءها سحبا من الدخان والغبار عند الحدود ، يقطعها بين الفينة والفينة رفع الجدة كفيها الى السماء وعندما ينالهما التعب ترفع ثدييها الراكديين خلف عباءتها الصيفية، كانت تتمتم: "يارب النصر يارب".
جده الذي كان يراقب حركة جدته كان منصتا لصوت المذياع الوحيد في البلدة، ليسكن كل من وما في البيت عندما يعلن "هنا لندن" إليكم نشرة الأخبار يقرأها .....
بعد خمسة أيام مرت كانها قرن، جدته التي لم يوافيها النوم وجده الذي أعلن قرانه مع المذياع أصيبا بالذهول، إسرائيل في سيناء والقدس والجولان، كفكفت الجدة دمعها بكم عباءتها وجده أقعدته ركبتاه ليفارق حياة شهد فيها حربين عالميتين وحرب فيتنام وحرب الكوريتين وأزمة خليج الخنازير وتسلم العسكر السلطة في كل بلدان العالم العربي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.