المصدر: "خاص - "مستقبل ويب"
عشرون عاما مرت على جريمة اغتيال القضاة الأربعة على قوس المحكمة في صيدا في الثامن من حزيران من العام 1999 ، هذه الجريمة التي هزت لبنان في حينه واهتز بها ميزان العدالة التي اخذت عهدا على نفسها أن تقتص من الجناة فلم تكل ولم تمل طيلة عقدين من الزمن من اجل أن تعيد لعائلات القضاة الشهداء حقهم في معرفة الحقيقة وكشف الجناة ومعاقبتهم .
ورغم تعاقب عدد من المحققين العدليين على هذه القضية وبقيت خلالها مجرد ملف في أدراج القضاء، لا ينفض عنه الغبار الا مرة في السنة عندما تحل الذكرى ، ولا يتم تناول هذه القضية الا من باب التذكير بالجريمة ووحشيتها وما أحدثتها من شرخ عميق في هيكل العدالة ومن جروح أعمق في نفوس عائلات القضاة الشهداء فيما لا يزال الجناة طلقاء ، تحل الذكرى العشرون لهذه الجريمة حاملة معها هذه المرة تطورات متسارعة على مسار التحقيقات كان ابرزها صدور القرار الظني وانطلاق المحاكمات التي ستكون أقربها وآخرها قبل العطلة القضائية في تموز المقبل ، ما أعاد احياء الأمل لدى عائلات القضاة الشهداء وابنائهم - وبعضهم من عمر هذه الجريمة - في ان تنتصر العدالة لهم ولنفسها ولو بعد عشرين عاماً .
كيف نُفّذت جريمة اغتيال القضاة ؟
عند الساعة 12 و10 دقائق من يوم الثلاثاء في الثامن من حزيران من العام 1999، وخلال انعقاد جلسة لمحكمة جنايات لبنان الجنوبي في قصر العدل القديم أقدم مسلحان مجهولان على فتح النار من سلاحين حربيين على هيئة المحكمة عبر النوافذ الخلفية للمبنى القديم لقصر العدل، ما ادى الى استشهاد القضاة الأربعة : الرئيس الأول الإستئنافي في الجنوب القاضي حسن عثمان، المستشار لدى محكمة إستئناف الجنوب القاضي عماد فؤاد شهاب، رئيس الغرفة لدى محكمة الدرجة الأولى في الجنوب والمستشار بالإستئناف القاضي وليد محمد هرموش والمحامي العام لدى النيابة العامة الإستئنافية في الجنوب القاضي عاصم خالد أبو ضاهر، فيما أصيب 5 أشخاص بين محامين ومواطنين كان من بينهم المحامي سالم سليم.
وأفيد آنذاك أن شابين في العقد الثاني من عمرهما أحدهما ملتح، تسللا الى باحة مرآب قصر العدل القديم من جهة البحر وكانا يحملان حقيبتين واقدما على اطلاق النار بغزارة من نافذتين خلفيتين وتمكنا من الفرار مخلفين وراءهما رشاشين من نوع كلاشنيكوف وطلقات غير مستعملة وحقيبة عثر بداخلها على قذيفة من نوع "لاو".
مستجدات وقرار إتهامي
ومرت السنوات على هذه الجريمة دون ان يسجل اي تقدم على صعيد التحقيقات الى ان بدأت تثمر خلال العامين الأخيرين بعدما استجدت تطورات ومعطيات لم تكن متوافرة في السابق كان ابرزها توقيف الفلسطيني عماد ياسين من قبل مخابرات الجيش اللبناني بعملية أمنية نوعية في تعمير عين الحلوة، في 22 أيلول 2016 وما اعقب ذلك من اعترافات ادلى بها في قضية اغتيال القضاة الأربعة ، الى جانب التحقيقات مع احد المتهمين الذي الموقوف الفلسطيني وسام حسين طحيبش، ما ساهم باعادة تحريك هذا الملف وبشكل عملي وفعال وصولا الى اصدار القرار الإتهامي في 25 تشرين الأول 2018 من قِبل القاضي العدلي في القضية بيار فرنسيس، والذي وجه الاتهام في هذه القضية إلى «عصبة الأنصار الإسلامية» . وادّعى القاضي فرنسيس في قراره الظني على 8 أشخاص بين إعطاء الأمر والتخطيط والتنفيذ، وقسّمهم إلى مجموعتين:
- الأولى: تضم 6 متهمين، هم: أحمد عبد الكريم السعدي الملقب بـ«أبو محجن»، محمود حسين مصطفى الملقب بـ«أبو عبيدة»، إبراهيم جمال لطفي، وسام حسين طحيبش، حسين محمد شاهين وجهاد عويدات السواركة الملقب بـ«أبو همام»، فطلب لهم الإعدام بمقتضى المواد 549 و549/201 عقوبات.
- الثانية: تضم المتهمين: محمد قاسم طاهر وفريد سطام ججو، وادّعى عليهما بمقتضى الجناية المنصوص عليها في المادة 408 عقوبات، التي تعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة مَنْ أقدم على كتم معلومات أثناء شهادته خلال تحقيق جنائي.
وفور صدور القرار الظني في القضية حينها سارعت عصبة الأنصار الإسلامية لنفي اية علاقة لها بالجريمة معتبرة أنّ" المعلومات التي استُنِدَ إليها القرار باتهام عصبة الأنصار بالاغتيال، المنسوبة إلى عماد ياسين غير صحيحةلأنه عند حصول الاغتيال كان خارج العصبة، وبالتالي لا يمكن أنْ يكون في دائرة الاطلاع على قراراتها وأعمالها". واوردت العصبة في بيان لها آنذاك جملة من المعطيات التي سبقت ورافقت وأعقبت الجريمة والتي تشير فيها بأصبع الإتهام الى العدو الاسرائيلي داعية "الجهات الأمنية والقضائية المختصة إلى عدم الاكتفاء بالمعلومات التي بين يديها، والى فتح الملف من جديد، والتوسّع في البحث عن معلومات إضافية، للإحاطة الكاملة بجميع جوانب القضية، للتوصّل إلى الحقيقة والعمل بمقتضاها".
وقد بدأ المجلس العدلي أولى جلسات المحاكمة في قضية اغتيال القضاة الأربعة، في 23 آذار 2019 ، ومثل فيها امام هيئة المحكمة الموقوف الوحيد الفلسطيني وسام حسين طحيبش الذي نفى الاتهام الموجه اليه.وأرجئت الجلسة إلى 17 ايار ، ومن ثم إلى 12 تموز المقبل بعد تقدم وكلاء عائلات القضاء الشهداء من هيئة المحكمة بعدة طلبات تتعلق بإحضار وافادات شهود .
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.