كما في صبيحة كل يوم، نزل الفتى محمد ع. من منزله في محلة وطى المصيطبة ينتظر باص المدرسة، ولكن وجهته في ذلك الصباح تغيّرت بعدما حدّدها اربعة شبان عمدوا الى خطفه ووضعه في غرفة داخل منزل احدهم، مكث فيها محمد خمسة ايام كانت من أصعب ايام حياته، أيامٌ ستبقى مطبوعة في ذاكرته حيث كان مكبّل اليدين ومعصوب العينين، وذلك قبل ان يعود الى احضان اهله الذين دفعوا فدية مالية قدرها 130 ألف دولار بعد مفاوضات مع الخاطفين ، تقاسمها الخاطفون فيما بينهم مسدّدين بذلك ديونهم.
عملية خطف الفتى محمد لم تكن بنت ساعتها، بل سبقتها مشاورات بين الخاطفين حول كيفية الخروج من وضعهم المادي السيء، لتلمع في رأسهم فكرة الخطف مقابل فدية، وذلك بعد تزايد تلك العمليات وسماعهم بها عبر شاشات التلفزة.
سريعاً وقع الاختيار على الفتى محمد، بحيث لم يقف هذا الامر عائقاً في وجه الشبان الاربعة بوضع محمد هدفا لهم لتنفيذ مخططهم، ففي جولة "سريعة" ايضا في منطقة وطى المصيطبة باتجاه الرملة البيضاء حيث المباني الفخمة، وقبل يوم واحد من العملية، شاهد المتهمون خالد ب. ومحمد ت. ومصطفى خ. الفتى محمد (12 عاما) يحمل حقيبته المدرسية ويقف قبالة بناء فخم، وبات محمد بالتالي "الشخص المناسب" كونه يملك كل "مقوّمات" نجاح العملية خصوصا لناحية قيمة الفدية الباهظة التي يمكن ان يحصلوا عليها.
أسرع المتهمون في إبلاغ شريكهم الرابع محمد أ.عن الهدف وعنوانه، ولم يعد بالتالي امامهم سوى تأمين "عدّة" الشغل من سيارة وسلاح وقبعات، حصلوا عليها جميعها، فالسيارة تم استئجارها ووضع لوحات مزورة عليها سرقها محمد ت. من سيارة في الدورة، وكذلك القبعات السود التي تغطتي الوجه. اما السلاح فكان"متوافرا " مع المتهم محمد أ. فيما المنزل العائد لخالد إتخذ "مأوى" لنقل الضحية اليه بعد ازالة جميع صوره وافراد عائلته منه.
ورغم كل هذه"الاحتياطات" في اخفاء هويتهم تمكن الفتى من التعرف على اصوات ثلاثة منهم خلال محاكمتهم امام محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضي طارق البيطار وعضوية المستشارتين القاضيتين ميراي ملاك وفاطمة ماجد، التي قضت بسجن محمد ت. مدة سبع سبع سنوات فيما حكمت على الباقين الذين تخلفوا عن الحضور بعد اخلاء سبيلهم بالاشغال الشاقة المؤبدة، مع الزامهم جميعا بدفع تعويض للمدعي قدره 240 مليون ليرة.
كانت الادوار موزعة بين الاربعة الذين انطلقوا جميعا في اليوم التالي الى التنفيذ، حيث بوصولهم الى المكان ومشاهدة الفتى محمد، اقدم خالد وبمساعدة محمد أ. على حمله الى السيارة وتولى مصطفى قيادتها، فيما كانت مهمة محمد ت. المراقبة.
خجولة كانت مقاومة الفتى الذي واجه ثلاثة يفوقونه بنية، وكذلك محاولة احد المارين الذي تراجع بعدما اطلق محمد أ. رصاصة في الارض تهديدا، لينطلقوا بعد ذلك الى منزل خالد، لتبدأ مرحلة"المفاوضات " مع الوالد. وبنتيجتها تم الاتفاق بين الخاطفين والوالد على دفع الاخير مبلغ 130 الف دولار مقابل تحريرابنه ، على ان يقوم الوالد برمي حقيبة المال من على جسر الكولا، وهذا ما حصل.
وعند الفجراتصل الخاطفون بالوالد وابلغوه ان ابنه موجود تحت جسر الفيات حيث حضر واستلمه.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.