عكست المشهدية المسرحية التي تم تقديمها ، كما الوثائقي الذي تم عرضه في مؤتمر نادي "زونتا بيروت"، المعاناة النفسية و الجسدية لصغيرات حُرمن من عيش طفولتهن بارتداء "ثوب الزفاف" و"اغتيال براءتهن بغير إرادتهن، فكانت الرسالة واضحة بأنه" يجب وضع حد لزواج القاصرات لما له من تداعيات سلبية على مستقبل شريحة وقعت ضحية عادات و ممارسات مرفوضة إنسانياً و قانونياً".
12 مليون فتاة تحت سن 18 عامًا تتزوجن سنويا في العالم، و بحلول العام 2030 سيتجاوز عددُ الفتيات اللواتي ستتزوّجنّ قبل عيد ميلادهن الثامن عشر ال 150 مليون فتاة، وفي كل دقيقة تتزوج 28 فتاة قاصر، أي بمعدل فتاة واحدة كل ثانيتين، والعالم العربي ليس بعيدًا عن هذه المشكلة، في ظلّ قوانين مجحفة، إذ سجَّلت السودان نسبة 52%، وموريتانيا 35%، واليمن 32%، وفلسطين 21%، ومصر 17%.
شكل المؤتمر ال26 الذي أقيم بدعوة من نادي "زونتا بيروت للمنطقة 4 من القطاع 14 (اليونان - قبرص - لبنان)"، مناسبة للتأكيد على أن " العنف الممارس من خلال الزواج المبكر ليس مقبولاً ، ويتوجب على الجميع التعاون من أجل مكافحة تلك الظاهرة "لأن الزواح مش لعبة"، وتحقيق المساواة و العدالة الإنسانية أساس مكافحة تلك الظاهرة.
تحت عنوان "إلغاء الزواج المبكر" (أي زواج القاصرات) ، وبرعاية وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية مي شدياق، افتتح المؤتمر في فندق "راديسون بلو فردان"،حيث أكدت رئيسة النادي ومديرة المنطقة وفاء ضو إلى أن "المنظمة تدعو الى عالم يتم فيه الاعتراف العملي والملموس بحقوق المرأة كحقوق إنسانية حيث يصبح لكل امرأة القدرة على تحقيق كامل إمكاناتها متحررة من الخوف، منتصرة على العنف، متكافئة في الفرص".
ولفتت إلى " أنه تقوم لجان زونتا الدولية على تقديم أولويات المرأة حول العالم ، والأولوية هو لأهداف التنمية المستدامة ، مع التركيز على الهدف 5 والمجالات المتعلقة بتمكين المرأة. وتقوم الجمعية بإعلاء الصوت على قضية زواج القاصرات".
وأوضحت أن "الدوافع عديدة، إذ يحرم الزواج المبكرُ الفتاة من أبسط حقوقِها الأساسيّة، كحقِّها في التعليم ويسبّب العديد من المشاكل الصحيّة كما يقودُ للعديد من المشاكل الاجتماعيّة والمشاكل النفسيّة كالاكتئاب الشديد، والإحباط، وانعدام الثقة بالنفس".
واعتبرت ضو " أن إنهاء زواج الأطفال يتطلب العمل على العديد من المستويات، كإقرار قانون يمنع الوزاج لمن هم دون 18 سنة في لبنان ومن كل الطوائف والأديان، وإنفاذ القوانين الحالية المناهضة لزواج الأطفال، لا سيما عندما تسعى الفتيات المعرضات لخطر إلى طلب الحماية والعدالة، فهناك ثقافة، وممارسات اجتماعية لا بد من مواجهتها بشكل مستمر لكشف الظلم الكبير التي تفرضه على القاصرات بشتى الحجج، فلا بديل عن التوعية المستمرة ".
وشددت على أن " الجريمة بحق انفسنا أولا، هي في ان نسمح باستمرار اقصاء أطفالنا في احكام مؤبدة مدى الحياة كضحايا لعادات ذكورية متخلفة رجعية، على حساب سلامة مجتمعنا وعائلاتنا ونسائنا وقيمنا الإنسانية، ومؤتمرنا هو لنقول: لا لزواج القاصرات".
من جهتها، نوهت شدياق بالنشاط الذي يقع " ضمن محاولاتٍ حثيثة لتغييرِ واقعِ المرأة، والارتقاءِ بها إلى مستوياتٍ تليقُ بكونِها نصفَ المجتمع لا بل قاعدتَه المتينة".
ولفتت إلى أنه " لا نزال نُحارب آفةً إجتماعيةً شرسة، ترفضُ أن تزول، ولا تزالُ تُرخي بثقلِها على فتياتِنا البريئات الجميلات، فتنتزعَ منهنّ أجملَ الأحلام، تُكبِّلُهُنَّ،فتحبِسُهنّ داخل أقبيةِ المنزلِ الزوجي".
وأوضحت شدياق أنه " على الرغم من الاهتمامِ الكبير بقضايا الطفولة وإصدارِ العديد من الإتفاقيات الناظمة لحقوقِ الإنسان، لا زالت الطفلاتُ ضحايا صامتاتٍ وعرضةً للعنفِ والاستغلال./ خاصةً وأنَّ بعضَ الأنظمة لا تتصدّى بشكلٍ مناسب للإشكاليات التي تظلِمُ الفتيات، ولا تعملُ على توفيرِ الحمايةِ اللازمة لهذه الفئةِ المستضعفة"، مشيرة إلى أنه "صحيح أنّنا أحرزْنا تقدماً ثقافياً لا بأس به، ولكن للأسف، ما زلنا نشهدُ مظاهرَ مقزِّزة غالبًا ما تقعُ ضحيتَها طفلاتٌ غيرُ قادراتٍ على مواجهةِ حياةٍ لا يعرِفْنَ الكثيرَ عنها".
وأشارت الى أن "ظاهرةِ الزواجِ المبكر ازدادت هذه الظاهرة عقِبَ الربيع العربي والحراكِ السياسي والإجتماعي الذي اجتاحَ المنطقة وما نتج عنهما من لجوءٍ وتهجيرٍ وتردي بالأوضاع الاقتصادية"، مشددة على أنه "تتعدَّدُ ذرائعُ هذه الجريمة، من حمايةِ الأخلاقِ الى صونِ الشرف، كما تتعدَّدُ نتائجُها بين عنفٍ جنسي وسوءِ معاملة واستغلال، وصولً حتى الى القتل".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.