يقول ملالي إيران أنهم لا يريدون الحرب ويرفضون التفاوض. يعني نريد السلام لكن لا نريد التفاوض حوله. لكن وعكس ما يقولون فإن الحرب قائمة منذ أن قامت ثورة الخميني. بدأت بالداخل: تصفية كل حلفاء الخميني من حزب تودا ومجاهدي خلق وافتتاح لغة التكفير. فتصدير الثورة يعني الحرب. تماماً كما كانت تعلن الحروب الاستعمارية المصدرة حضارتها على الاخر. فتصدير الثورة يعني ان حدود الدولة الايرانية مؤجلة في ظل ثبات المبادىء والافكار. ويعني ان اختيار العنف لفرض ولاية الفقيه يؤكد ضرورة وجود هذه الحروب. بل يعني ذلك ان حدود البلدان التي يتوجهون إليها بحضارتهم الجديدة وإنسانهم الفريد مؤجلة أيضاً وكذلك انظمتهم وطرق عيشهم وهوياتهم. فالطلقات الاولى في الثورة التي تحولت إنقلاباً (كما فعل لينين بالثورة البلشفية: حولها انقلاباً وحرباً أهلية). إذا القوة هي الوسيلة الفضلى الالهية للغزو الفكري التفكيري للملالي: فلا استراتيجيتهم تريد انفتاحاً على الحضارات الاخرى باسم حضارات الشعوب وتواصل الايديولوجيات والثقافات. فالغزو طريق إلى قلب الاوضاع المجاورة العربية والاسلامية بالاسلحة والميليشيات المذهبية والحروب والتقسيمات الديمغرافية. فالثورة المصدرة هي محاولة هيمنة على الشعوب الاخرى: لا حوار. لا حرمة الجار. لا احترام القوانين العالمية. وإذا كانت حدود إيران متحركة طبقاً لمطامعها وتفكيك نسائج الشعوب والدول بميليشيات وارهابيين فيعني ان ايران اختارات وما زالت تختار الثورة المفتوحة على الدولة المتناسقة.
وهذا بالذات ما يفسر محاولتها نقل هياكل الانظمة العربية من اطار الدولة إلى اطر الدويلات او اللادولة. بمعنى اللاكيان. اللاوحدة اللاسيادة اللاديمقراطية. وهذا ما نجحت في فرضه على العراق وإن ابطأ مشروعها هناك أو في طريقه إلى التلاشي، وفي سوريا وهناك انكسر من انكسر من هلالها المذهبي، وفي اليمن حيث اوضاعها لا تبشر في خيرها وبمصلحتها، وفي لبنان هناك اكثرية شعبية تواجه اقليتها الدكتاتورية.
ومن الطبيعي ان نظاماً بلا نظام ودولة بلا دولة وجمهورية بلا جمهورية وشعباً معظمه انقلب عليها من الطبيعي ان تصعد توترها وجنونها، وما تبقى من حضورها ضد الدول الخليجية المجاورة وخصوصاً السعودية القلعة العربية الاسلامية التي تنطحها إيران عبثاً "تناطح صخرة..." بواسطة الحوثيين كأنها الارماق المسمومة الاخيرة في مساراتها المتراجعة. وها هي تخسر الاتفاق النووي مع اميركا. وها هي برعونتها تهدد العالم كله بالتخلي عن الاتفاقات النووية مع اميركا، وها هي تورط شعبها في هزائمها الخارجية فتنقلب عليه العقوبات الاقتصادية فقراً وجوعاً وعوزاً مزدوجةً باستبدادية دكتاتورية مطلقة.
ان كل تاريخ ايران الملالي حروب على ناسها بفساد حكامها وبتزوير ارادتهم ونهب اموالهم واعدام شبابهم، وخارجية ضد العالم سوى خلايا ارهابية ضد جوارها العربي وفي اوروبا (ليس طبعاً في اسرائيل) وما يجري اليوم ليس سوى استمرار لنهجها فكأنها تحمي نظامها بحروب خارجية وتحمي نفسها من الخارج بحروب داخلية. إنها جدلية الانظمة الدكتاتورية كما يقول جورج اورويل في روايته "1984".
والطريف ان هذه الدولة اللادولة مازالت تتباهى بفعل فصامات نفسية وذهنية بان لها وجوداً وكنتونات مستقلة في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
إذاً انه صوت دولة عظمى. لكن ما بال هذه "العظمى" التي لا تستطيع تلبية مطالب شعبها. بل ما بال هذه "العظمى" التي صارت اقلية استبدادية عند شعبها؟ بل ما بال "العظمى" التي تتسول دعم العالم اقتصادياً وسياسياً. وهنا نتساءل: ما بال دولة "عظمى" تمنع سقوطها بقمع ثورة شعبها بابشع الممارسات الوحشية والارهابية؟
نظن ان من فرط ما مارست دولة الملالي حروباً تحت شعارات مذهبية لم تعد تحتاج إلى حروب مواجهة لا مع اميركا ولا حتى مع العرب لانها بدأت تتساقط من تلقائها.
انها في عنق زجاجة عطرٍ متعفن!
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.