في وقت لم تنتهِ فيه بعد الآثار التي خلّفها كلام رئيس بلدية الحدث جورج عون المتعلق بمنع المسلمين من الاستئجار في بلدة الحدث الواقعة في المتن الجنوبي، وعلى ضفّة إنتظار اللبنانيين إخماد مفاعيل هذا التصريح الذي انقسموا حوله مذهبياً وسياسياً وحزبيّاً، أعاد الأمين العام للمؤتمر الدائم للفيدرالية ألفرد رياشي اليوم، إشعال فتيل الإنقسام مجدداً بكلام رأى فيه أن "ما يجري من تهجم على قرارات بلدية الحدت غير مقبول"، معتبراً انه "على المكونات الأخرى احترام الخصوصيات المجتمعية للمكونات للوقوف في وجه التغييرات الديمغرافية الممنهجة وغير البريئة".
وذهب رياشي بعيداً في منطقه الداعي إلى بثّ التفرقة بين النسيج اللبناني القائم أصلاً بجناحيه المسلم والمسيحي وعلى تثبيت المناصفة بينهما كما حددها إتفاق الطائف، وذلك من خلال رؤية خاصّة تقول "إن حق الحفاظ على الهوية المجتعية هو حق شرعي وبمنأى عن أي شأن آخر حيث أن تطبيق النظام الفدرالي يجّنب الدخول في هكذا جدل كون الهوية المجتعية تريح المكونات التعددية كافة".
الواقع أن هذا الكلام وبحسب شخصيّات فاعلة في منطقة الحدث، من شأنه أن "ينسف صيغة العيش المشترك من أساسها والصيغة اللبنانية القائمة منذ الإستقلال. كما أن الفيدرالية التي يتحدث عنها رياشي والتي يُعوّل عليها للمستقبل لأسباب تتماشى ربما مع اعتقاداته أو فكره السياسي، من شأنها أن تُلغي صيغة التعايش القائمة في منطقة الحدث خصوصاً وأن أكثر من ستين في المئة من سكانها اليوم، هم من المُسلمين الشيعة"، معتبرة أن "هذا الكلام لا يصب في مصلحة اللبنانيين عموماً والمسيحيين على وجه الخصوص، لأنه كلام أقل ما يُقال فيه أنه تحريضي ولا يمثل أبناء المنطقة والتعددية فيها".
المعروف عن رياشي أنه من أبرز الداعين إلى تطبيق النظام الفدرالي، وهو يرى فيه أن "كل المكونات ترتاح ضمن هذه التركيبة، باعتبار أن 40 في المئة من دول العالم، نظامها فدرالي". من هنا، لم تُبد المصادر نفسها، استغرابها من كلام رياشي، إذ سبق له أن دعا لبنان إلى "الإنسحاب من الجامعة العربية من منطلق "شو جايينا منها؟". يأتينا منها ضرر أكثر من الفائدة". وتسأل المصادر: "اليست الفيدرالية مشروع حروب مستقبلية تبدأ على طريق التقسيم والفرد بين المكونات اللبنانة؟".
يُذكر أن الدكتور عبد الرؤوف سنو، كان شرح منذ فترة وجيزة مفهوم الفيدرالية حيث وصفها في بعض جوانبها أن "تقوم الطائفة ذات الأكثرية العددية بتطهير مناطقها من الأقليّات الدينية أو المذهبية للوصول إلى حالة صفاء طائفي أو مذهبي، متوسّلة في ذلك العنف والتخويف والتهجير. وتاريخ جبل لبنان خلال الحرب الاجتماعية في العام 1860، وتاريخ لبنان بين العامين 1975 و1990 حافل بالأمثلة على التطهير الطائفي والتهجير".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.