1 تموز 2019 | 00:00

كتب بول شاوول

القضية الفلسطسينية في أيدي أعدائها

القضية الفلسطسينية في أيدي أعدائها

قد تكون صفقة القرن جارية، وتصفية القضية الفلسطينية في مراحلها المتقدمة، والخرائط المرسومة واضحة. لكن ما يميز صفقة القرن اليوم وتوابعها في مؤتمر المنامة أن المسألة المركزية تحولت من قضية أرض ودولة ومقاومة ومواجهة سياسية وقرارات دولية... إلى قضية اقتصادية أو الأحرى مالية. فالوعود جنات الازدهار والبحبوحة والمليارات مقابل فلسطين: أوكازيون دولة لتصفية البضائع الباقية.

طبعاً هبّ من هبّ، وانتفض من انتفض رفضاً لهذه الصفقة من عرب وفلسطينيين وسواهم: اجماع فلسطيني يجمع السلطة وحماس المفترقتين رفض حضور المؤتمر ودانه واستنكره.

لكن السؤال هو هل هناك اجماع فلسطيني حقاً بين الشرعية وبين الميليشات المنشقين عنها! هل هو اجماع حقاً بين من رفع صوته خدمة للقضية وبين من استنفر للمزايدة عليه وعلى الشعب الفلسطيني المقسوم بين الضفة وغزة واسرائيل!.

اختلطت اصوات الذين خانوا القضية على امتداد نصف قرن واتفقوا مع من صفى المقاومة الفلسطينية في لبنان تحديداً وتآمر عليها في العالم العربي.

فحماس وحزب الله وجماعات ايران والنظام السوري هم الذين عملوا على ضرب الشرعية الفسطينية لمصلحة الاحتلال الصهيوني: عطلوا كل اتفاق كان يمكن أن يكون مقبولاً في المفاوضات بين العدو والسلطة من أيام عرفات إلى أبو مازن. لأن هؤلاء: سوريا وايران واسرائيل لا يريدون أي حل لفلسطين مهما تكن بنوده. أفشلوا كل المحاولات العربية لوضع اسس واستراتيجية تخدم فلسطين في صراعها مع اسرائيل: ونتذكر كيف مُنع عرفات من حضور مؤتمر بيروت الذي يعتبر المرجعية الأهم في مجال التنسيق العربي. والمانع كان حافظ الأسد. 

السؤال: كيف وصلت الأمور إلى هذه الدرجة من الاحباط والعجز؟ حماس انقلبت على السلطة واستولت على غزة وانشقت بارادة النظام السوري وبموافقة اسرائيل عن السلطة. فبات عندنا فلسطينان واحدة شرعية لأصحاب القضية وأخرى غير شرعية مرتبطة بالخارج. والعجيب الغريب أن يحاول هنية وهو المنشق الأول وحزب الله الذي أهدر دم رمز القضية ياسر عرفات بلسان حسن نصر الله فالأسد الذي لعب دوراً أساسياً في اسقاط مخيم تل الزعتر وأكمل حرب المخيمات وحصارها في بيروت ثم طرد عرفات من طرابلس ها هو منسجم مع من صفوا المقاومتين الفلسطينية والوطنية بالاتفاق مع كسنغر واسرائيل.

ويكفي أن نتابع ردود فعل هؤلاء اليوم حتى نتأكد من أنهم يريدون امتلاك الورقة الفلسطينية أو ما تبقى منها. للتفاوض والمتاجرة بها واستغلالها لخدمة مصالحهم السياسية تمهيداً لتصفيتها نهائياً وإلغاء مشروع الدولتين. إذاً كان لذلك ثمن ينالونه. فالقضية الفلسطينية ليست قضية بالنسبة إليهم إلا إذا لم تعد قضية الشعب الفلسطيني ولا تاريخه ولا مستقبله. بل مجرد شعار عند جماعة ايران والأسد لشلها والغائها. فمن يصفِ السلطة الفلسطينية الشرعية يصفِ القضية نفسها  ويحمل أشلاءها في يديه. 

فمن البديهي القول أن القضية الفلسطينية هي فلسطينية بالأساس وعربية وعالمية وليست لا ايرانية ولا روسية ولابعثية ولا أميركية. وهذا ما يفسر الانشقاقية التي أصابت وحدة الشعب الفلسطيني وأرضه وسلطته. والغريب أن الذين ذهبوا لقتال الشعب السوري وانقاذ بشار الأسد هم الذين دمروا مخيم اليرموك وهجروا سكانه وهم الذين أشعلوا حرباً ضد الجيش اللبناني في مخيم نهر البارد وهم يحاولون نهش الدولة اللبنانية وتفكيك قواها الامنية والقضائية والحدودية ثم تعطيل الشرعية اليمينة والليبية والعراقية... وها هم يفلتون الحوثيين لتصبح اليمن يمنين. وها هم اليوم يحاولون مصادرة الغضب العربي والفلسطيني ورفضه صفقة القرن للامساك بقرار الحرب والسلم في غزة والجنوب اللبناني. ومن لا يعرف الصفقة التي عقدها حافظ الأسد مع كيسنغر واسرائيل لتولي ضرب الشرعية الممثلة بعرفات والمقاومة المواجهة لاسرائيل مقابل دخوله كوصاية واحتلال إلى لبنان: لبنان مقابل الجولان والمسألة الفلسطينية. وهذا ما يفعله المرتبطون بإيران. اللعبة ذاتها صفقة بصفقات، ورقة بأوراق أرض مقابل أرض شرعية مقابل وصاية.

مؤتمر المنامة كان لحظة خاطفة لم تدم كثيراً. لكن حتى لو كان لهذا المؤتمر أن يقدم حلولاً لمصلحة فلسطين فجماعات ايران كانوا سيتخذون الموقف المعطل ذاته...

فأبو مازن  أولاً وأخيرا هو خليفة ياسر عرفات وهو الشرعية المعترف بها شعبياً وعربياً  وعالمياً والقرار الفلسطيني المستقل هو الذي يجسده لا خامنئي ولا حسن نصر الله والا الولايات المتحدة ولا روسيا.

فالقضية لا ولن تجد منافذ لها إلا عبر الشرعية، وجماعات ايران هم ضد كل شرعية عربية بل ضد كل الشعب العربي وقضاياه وسيادته واستقلاله. 

من غرائب الزمن أن القاتل هو الذي  يحتفل اليوم بضحيته.

 


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

1 تموز 2019 00:00