كشفت اعمال التنقيب التي تقوم بها بعثة المتحف البريطاني في موقع حفرية الفرير الأثرية في صيدا القديمة تحت اشراف المديرية العامة للآثار وللسنة الحادية والعشرين على التوالي وبدعم مستمر من "مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة وشركة الترابة الوطنية – ترابة السبع "، عن مقبرة أثرية على درجة كبيرة من الأهمية تعود الى العصر الكنعاني ، وجرى الإعلان عنها ولأول مرة مباشرة من موقعها داخل الحفرية وبالتزامن مع عملية التنقيب الجارية في هذا الموقع .
وتقول سرحال"خلال 21 عاماً من التنقيبات الأثريّة في موقع الفرير والتي أدّت الى إكتشاف 171 مدفناً، تأتي حفرية هذا العام لتكشف عن مدفن محفوظ بطريقة جيدة جداً.ويحتوي هذا المدفن على رجلين محاربين دفنا على جانبيهما الأيمن ،ويعود تاريخ المدفن الى القرن التاسع عشر قبل الميلاد. وإن السلاح الموجود في المدفن عبارة عن خنجر بثلاثة مسامير، بينما تم وضع حزام برونزي بعناية بالقرب من الهيكل العظمي. زيّن هذا الحزام بدوائر متحدة المركز ومتصلة ببعضها على الجهة الخلفية بصنارتين مقوستين تستخدمان كقفل . واذا لاحظتم الدوائر الموجودة على الحزام، ومنقوشة من الخلف ما ادى الى تشكيل هذا الشكل. وهذه الاسلحة من النادر ان نجد مثيلا لها وطريقة حفظها مهمة جدا. كما وضعت بالقرب من القدمين بقايا عظام حيوانية (أغنام / ماعز) لمرافقة المتوفي في العالم الآخر. المهم ان الكنعانيين لم يقوموا بالفن بهذه الطريقة الا اذا كان الموتى ينتمون الى الطبقة الارستقراطية الكنعانية اي طبقة جدا جدا راقية ولكي يثبتوا ان رتبة هذا المدفون بهذه الطريقة عالية جدا في المجتمع الكنعاني".
وتضيف " لم يستعمل هذا الخنجر البرونزي كأداة عسكرية ، بل على الأرجح إتخذ كرمز مرتبط بالوضع الإجتماعي للنخبة التي ينتمي إليها المتوفي . من الواضح أن مثل هذه المدافن كانت تمجد الأعمال البطولية لهؤلاء المحاربين، وهي ظاهرة تشهد عليها بداية الألفية الثانية قبل الميلاد" .
نحن منذ 21 سنة نعمل ليس فقط على اهمية ما يظهر من مكتشفات وبل وايضا نعمل من خلالها على كل عادات مجتمعات العصور التي تظهر لدينا من خلال الطبقات التاريخية . واليوم حرصنا على ان نعلن عن جديد هذه المكتشفات من هذا الموقع اثناء اعمال التنقيب وليس بعد ان ينتهي العمل. لأن هذه المقبرة تفتح لنا نافذة اضافية على المجتمع الكنعاني الذي كان منتشرا على طول الشاطىء اللبناني وهو مزيد من التعريف بأجدادنا لأننا كلبنانيين في الاصل كنعانيين. فمنذ 4 سنوات اظهرت نتائج مطابقة فحوصات DNA أخذت من مقبرة كنعانية مع DNA اخذت لـ100 لبناني ان 95% منهم اصلهم كنعانيون .فنحن لم نكن مقسمين بل كنا كلنا كنعانيين ثم كنا كلنا فينيقيين ثم جاء الرومان والبيزنطيون ثم العرب . فنحن في الأساس شعب واحد . هذا ما يجب ان نعرفه ونذكره دائما ولا ننساه لأننا اذا لم نعرف تاريخنا لا نستطيع ان نبني مستقبلنا .
وختمت الدكتورة سرحال بتوجيه الشكر الى المديرية العامة للآثار والمتحف البريطاني والى داعمي وممولي اعمال التنقيب هذه " مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة وشركة الترابة اللبنانية -ترابة السبع". لافتة الى ان هناك نحو 40 شخصيا يشاركون في هذه الورشة بين مختصين باعمال التنقيب والترميم وعمال وعائلات وخبراء اجانب من بريطانيا من جامعة "برادفور " والمتحف البريطاني.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.