لم يكن مستغرباً ان يُصنف القطاع المصرفي اللبناني في فئة "مستوى منخفض لقابلية التعرض للضغوط" إلى جانب 98 نظاماً مصرفياً آخر من قبل وكالة التصنيف الدولية "فيتش". فهذا التصنيف كان متوقعاً بحسب أرقام هذا القطاع الذي يثبت يوماً بعد يوم متانته رغم الضغوطات الداخلية والخارجية التي يتعرض لها فضلاً عن الحملات المبرمجة التي تستهدفة منذ فترة طويلة.
في هذا السياق، يؤكد كبير الاقتصاديين ومدير قسم البحوث والدراسات الاقتصادية في مجموعة "بنك بيبلوس" نسيب غبريل لـ"مستقبل ويب" ان الحملات الداخلية التي تُشن على القطاع المصرفي لم تكن يوماً مبنية على أرقام بل على افتراضات وافتراءات، والدليل على ذلك التصنيفات الدولية التي يحظى بها القطاع المصرفي منذ اعوام وآخرها تصنيف وكالة "فيتش"، وهذا تأكيدٌ على ان المؤسسات الدولية تبني تصنيفاتها على الأرقام وليس على الافتراءات كما هو حاصل اليوم، حيث يُروج وكأن المصارف اللبنانية تعيش في جزيرة منفردة بعيدة عن الواقع وبأنها تحقق أرباحاً خيالية، وهذا بعيد عن الواقع، لأن القطاعات المصرفية في العالم كافة وبالتحديد في لبنان تتأثر بالأوضاع الاقتصاية في البلاد كون القطاع المصرفي هو الذي يُقرض القطاعات كافة فضلاً عن الأشخاص".
يضيف: " لقد أقرض القطاع المصرفي حتى شهر أيار 2019 القطاع الخاص حوالي 56 مليار و300 مليون دولار، فضلاً عن دعمه لمعظم القطاعات الانتاجية على عكس ما يروج بأن المصارف لا تُقرض سوى الدولة. اذا القطاع المصرفي يساهم بشكل مباشر في تحريك العجلة الاقتصادية وفي الاستقرار النقدي والاجتماعي فضلاً عن المالية العامة، فنستغرب لماذا معاقبة هذا القطاع من قبل بعض المسؤولين في الداخل خصوصاً وانّه يلتزم القوانين الداخلية والخارجية ويتعامل بشفافية مطلقة من خلال تقاريره الشهرية وموازنته فضلاً عن التزامه المطلق بدفع ضرائبه، كخطوة فرض الازدواج الضريبي على ايرادات المصارف من الودائع التي تضرّ ايرادات الدولة ولا تخدم المصلحة العامة، خصوصا وأن تقرير صندوق النقد الدولي الاخير نصح المصارف بالاستمرار بتقوية رأسمالها واحتياطاتها".
" تصنيف "فييتش" بحسب غبريل جاء ليدحض الشائعات التي رافقت القطاع المصرفي منذ سنوات، كما جاء ليسلط الضوء على انجازات هذا القطاع واستمراره باستقراره خصوصاً وانه ضخ 60 في المئة من أرباحه في الفترة الممتدة بين الـ1990 والـ2018 برأسماله، لذلك يجب مقاربة القطاعات الخاصة بما فيها القطاع المصرفي ليس بانها مصدراً لايردات الضرائب انما مصدراً للحركة الاقتصادية ولرفع مستوى تنافسية الاقتصاد".
يختم غبريل: " ترى وكالات التصنيف العالمية ان لبنان امام فرصة من أجل تصحيح المالية العامة واعادة عجلة النمو، مع العلم ان موازنة الـ 2019 تُظهر ان الاصلاحات لا تزال خجولة على الرغم من وجود مجالات عديدة من أجل تخفيض العجز عبر تخفيض النفقات بشكل جدي لأكثر من ملياري دولار، فضلاً عن زيادة الايرادات دون زيادة اي ضرائب او رسوم جديدة من خلال مكافحة التهرب الضريبي، تفعيل الجباية ، ضبط الحدود، مكافحة التهرب الجمركي، وضع حدّ لموضوع الاملاك البحرية والكسارات الغير شرعية وغيرها من الخطوات التي وان طُبقت تساهم في زيادة الايرادات على الأقل بنحو مليار دولار سنوياً".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.