كما في كل استحقاق تكثر التأويلات والتحليلات و"الإنتصارات". يتسابق "المنتصرون" من ضفتّي مؤيدي الإنجاز ومعارضيه. يتناسون ما ارتكبوه من هدر للوقت وللصورة.. وينقضّون على النتائج كما لو أن طرفاً لوحده، في مجلس النواب أو الوزراء، قادر لوحده على الإنجاز.
هذا هو حال موازنة 2019 التي أقرت في البرلمان بعد صولات وجولات ماراتونية في الحكومة ولجنة المال ومجلس النواب. في المحطات الثلاث تناوب بعض الكتل على انتقاد ما ورد في مشروع الموازنة، او ما اقترحته كتل أخرى. وبعد إقرار الموزانة في المجلس تسابق هذا البعض على نسب هذا الإنجاز لنفسه، او لطرف دون الأخر على طريقة أن رئيس الحكومة سعد الحريري "خسر معركة الموازنة وربحتها لجنة المال".
"شيزوفرانيا" سياسية تُلازم الحياة السياسية اللبنانية منذ زمن. تتجاهل الوقائع والمحاضر ووجود ثلاثين وزيراً شاهداً على وقائع جلسات مجلس الوزراء، و128 نائباً شاهداً على وقائع جلسة مناقشة الموازنة في البرلمان.
صحيح ان الرئيس الحريري تعرض لمحاولات تطويق في مجلسي الوزراء والنواب، حسب مصادر نيابية ـ وزارية شاركت في نقاشات المجلسين، لكن الصحيح أيضاً أن رئيس الحكومة انتفض مراراً وتكراراً، في المجلسين، وصوّب المسار في الإتجاه الصحيح. وجاءت النتيجة إنتصاراً لحسّ المسؤولية الذي حكّم أداءه منذ اللحظة الاولى لوضع مشروع الموازنة على مشرحة النقاش.
لم ينخرط سعد الحريري في جولات المزايدات التي حاصرت المناقشات منذ انطلاقها في الحكومة مروراً بلجنة المال وصولاً إلى مجلس النواب، تضيف المصادر. ولو لم يقف سدّاً منيعاً في وجهها لما كانت موازنة ولا من يحزنون، استحضرت من حولها كل صنوف الأحقاد والعصبيات والصراعات والحسابات النيابية والرئاسية.
ليست المرة الأولى التي يواجه فيها رئيس الحكومة هذا النوع من ترف المواجهات العبثية التي تستهدف تسجيل النقاط. لكنه بشهادة عشرات النواب الذين شاركوا في الساعات الاخيرة من مناقشة الموازنة، لم يكتفِ بوضع النقاط على الحروف بما يقود إلى إقرار الموازنة وإنما واجه أيضاً محاولات جديدة لإضعافه من بوابة التضييق على موازنات المؤسسات التابعة لرئاسة الحكومة.
والأهم يبقى أن رئيس الحكومة لم يبدل رأيه الذي التزم به في مجلس الوزراء في مكان أخر، أي في مجلس النوّاب، وهذه خطوة في رحلة استعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي بالدولة اللبنانية وبقدرتها على تنظيم ماليتها وفقاً للأصول والقوانين.. وما عدا ذلك أضغاث أوهام.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.