أسعد حيدر

2 آب 2019 | 00:00

كتب أسعد حيدر

سوريا من استانا _١٢ الى نور سلطان _١‏

 سوريا من استانا _١٢ الى نور سلطان _١‏





بين استانا _١٢ ونور سلطان _١ حول سوريا فإن التغيير البارز والوحيد هو في الاسم وليس ‏في الموقع … استانا ما زالت هي نفسها في زمن الرئيس الى الابد نور سلطان وهي اليوم ما ‏زالت العاصمة ولكن تخليدا للرئيس ألذي مهما طالت ولاياته الرئاسية فانه في النهاية اصبح اسما ‏وشعارا لعاصمته التي ارادها له . ربما علم وهو يموت انه" لو دامت لغيره لما آلت اليه‎ ". ‎

ربما التغيير المهم وان كان شكليا وليس في الأساس اكتمال حضور حزام دول الجوار لسوريا ، ‏في ضم لبنان كمراقب الى المؤتمر الى جانب: الاْردن والعراق والمملكة العربية السعودية . رغم ‏هذا التغيير الشكلي الذي لن يقدم ولن يؤخر في النتائج فان مشاركة لبنان كبداية مهمة للبنان من ‏ناحية الاطلاع مباشرة على ما يحدث في هذه الغرف المغلقة عن قرب ،للبناء الواقعي عليها في ‏المستقبل … لبنان الرسمي يعرف ما حصل وما المتوقع منه ولذلك فان مشاركته التي تمت على ‏عجل ستكون ممثلة بمديرمكتب العلاقات الخارجية في وزارة الخارجية ومدير مكتب وزير ‏الخارجية . رغم ان التمثيل بقي محدودا . لا انه مهم وذلك للاطلاع على مسار مناقشة الملف ‏الذي يعني لبنان مباشرة وهو ملف النازحين السوريين الذين يزيد عددهم على اكثر من مليون ‏ومائتي الف نازح رغم انه حسب الأرقام المتداولة فان ٣٢٥ الف عادوا فعلا الى داخل سوريا . ‏ولا شك ان العقدة الاولى والأساسية في صعوبة العودة الشاملة تكمن في‎ : ‎

‎• ‎ضمان العودة الآمنة للنازحين الى الداخل السوري . معظم الرجال يخافون العودة اما لأنهم ‏كانوا معارضين وبعضهم قاتل ضد النظام وأما لأنهم وخاصة الشباب الذين كبروا في لبنان ‏يخافون من الخدمة العسكرية‎ . ‎

‎• ‎انتشار الدمار في معظم قرى النازحين وعدم تبلور خطة اعادة إعمار سواء سورية او دولية ‏وهنا تبقى نقطة عائمة وان كانت من غير المتفق عليها وهي ان النظام يهمه ان يبقى هؤلاء ‏النازحون في لبنان حتى يكون اكثر حرية في عملية اعادة التشكيل الديموغرافي عنده تبعا ‏للخريطة السياسية التي يطمح لتشكيلها على قاعدة "البقاء الى الابد‎". ‎

‎• ‎ان استمرار وجود النازحين السوريين في لبنان يريح النظام من الاعباء المالية والاقتصادية ‏ويبقيهم ورقة ضغط على لبنان في اي مفاوضات مقبلة ، خصوصا وان الإرهاق الذي يصيب ‏لبنان حكومة وشعبا واقتصادا من اليوميات الى البنى التحتية لم يعدسرا ولا موقفا عنصريا وانما ‏هو واقع مرً‎ …‎

لا يكفي كل هذا لتفسير بقاء الملف السوري يراوح مكانه بعد ١٣ اجتماعا . في الواقع لم يتقرر ‏شيء لمستقبل سوريا … خريطة اقتحامها لم تكتمل ولم تحدد خطوطها . القوى الثلاثة المشاركة ‏وهي الاساسيةوتضم روسيا وايران وتركيا الى جانب المشارك الغائب_الحاضر اي الولايات ‏المتحدة الاميركية دون ان ننسى اسرائيل التي تتابع وتفاوض عبر واشنطن وموسكو تبدو متحالفة ‏وفي الوقت نفسه متنافسة ومتصارعة حول حجم حصصها من سوريا الموضوعة على الطاولة‎ . ‎

اسوأ ما في التطورات ان الأطراف المعنية ضعيفة خصوصا المتداخلة منها مع القوى المعنية من ‏دول الجوار اي ايران وتركيا‎ . ‎

‎• ‎ايران تعاني من المقاطعة والحصار وهي تقف يوميا على حافة المواجهة المحدودة او الشاملة ‏ولذلك فان هذاه الحالة تقنص منها الكثير من قواها وقدرتها على المواجهة وفرض شروطها ‏وحتى مطالبها المتناسبة مه الجهود المالية والعسكرية التي بذلتها طوال ثماني سنوات وأكثر . ‏والاسوأ بالنسبة لإيران انه رغم النفي فان موسكو ترغب بإزاحتها وعلى الأقل تخفيض حجم ‏حصتها المستقبلية لان كل ما تفقده ايران اوتخسره في سوريا سيصب حكما في "الطاحونة ‏الروسية‎" . ‎

‎• ‎تركيا الأردوغانية اليوم هي غير تركيا قبل عدة سنوات قليلة عندما انعقدت استانا _١ وصولا ‏الى استانا _١١ مثلا . تركيا تعاني من أزمة اقتصادية تبرز في انخفاض سعر الليرة التركية ، ‏كما تعاني من أزمة واضحة مع الولايات المتحدة الاميركية ظاهرها منظومة صواريخ‎ S_400 ‎و طائرات‎ F35 . ‎وعمقها عدم إطلاق يد تركيا في شمال سوريا والعراق ضد الاكراد … الى ‏جانب ذلك الازمة الحزبية التي يعاني منها اردوغان بعد خسارته بلدية اسطمبول ونمو ‏الانشقاقات داخل حزبه وصولا الى تزعم احمد داوود اوغلو الانشقاق البارز ضده‎ … ‎

يبقى ان موسكو ليست طليقة اليدين مثلها مثل الولايات المتحدة الاميركية . كلاهما تعرفان ان ‏لرغباتهم حدودا لا يمكن تجاوزها . في وقت تتمتع فيه اسرائيل لاول مرة منذ إعلانها دولة بعد ‏اغتصاب فلسطين بتحالف علني وعميق في سوريا لمصلحتها تؤكدها تفاهمات دقيقة تسمح لها ‏بمرور طائرتها وصواريخها لقصف اي نقطة تختارها في سوريا‎. ‎

قبل استانا ونور سلطان كانت جنيف … جميعها مسارات لم تنتج ولو بداية حل،وعلى الارجح ‏ستنعقد مؤتمرات عديدة وسوريا ستبقى على طاولة التقاسم الذي سيعيد حكما خريطة تشكلها ‏سواء دولة واحدة او فيدرالية ودائما تحت "الانتداب الروسي_ الأميركي‎" .‎

يبقى ان استمرار الحل لسوريا معلقا لا يعفي لبنان من التحضير لملفاته المتعلقة بالنازحين ‏السوريين وكيفية التعامل مع احتمالات الحل غدا او بعد أشهر وسنوات‎ .‎

 


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

أسعد حيدر

2 آب 2019 00:00