بين استانا _١٢ ونور سلطان _١ حول سوريا فإن التغيير البارز والوحيد هو في الاسم وليس في الموقع … استانا ما زالت هي نفسها في زمن الرئيس الى الابد نور سلطان وهي اليوم ما زالت العاصمة ولكن تخليدا للرئيس ألذي مهما طالت ولاياته الرئاسية فانه في النهاية اصبح اسما وشعارا لعاصمته التي ارادها له . ربما علم وهو يموت انه" لو دامت لغيره لما آلت اليه ".
ربما التغيير المهم وان كان شكليا وليس في الأساس اكتمال حضور حزام دول الجوار لسوريا ، في ضم لبنان كمراقب الى المؤتمر الى جانب: الاْردن والعراق والمملكة العربية السعودية . رغم هذا التغيير الشكلي الذي لن يقدم ولن يؤخر في النتائج فان مشاركة لبنان كبداية مهمة للبنان من ناحية الاطلاع مباشرة على ما يحدث في هذه الغرف المغلقة عن قرب ،للبناء الواقعي عليها في المستقبل … لبنان الرسمي يعرف ما حصل وما المتوقع منه ولذلك فان مشاركته التي تمت على عجل ستكون ممثلة بمديرمكتب العلاقات الخارجية في وزارة الخارجية ومدير مكتب وزير الخارجية . رغم ان التمثيل بقي محدودا . لا انه مهم وذلك للاطلاع على مسار مناقشة الملف الذي يعني لبنان مباشرة وهو ملف النازحين السوريين الذين يزيد عددهم على اكثر من مليون ومائتي الف نازح رغم انه حسب الأرقام المتداولة فان ٣٢٥ الف عادوا فعلا الى داخل سوريا . ولا شك ان العقدة الاولى والأساسية في صعوبة العودة الشاملة تكمن في :
• ضمان العودة الآمنة للنازحين الى الداخل السوري . معظم الرجال يخافون العودة اما لأنهم كانوا معارضين وبعضهم قاتل ضد النظام وأما لأنهم وخاصة الشباب الذين كبروا في لبنان يخافون من الخدمة العسكرية .
• انتشار الدمار في معظم قرى النازحين وعدم تبلور خطة اعادة إعمار سواء سورية او دولية وهنا تبقى نقطة عائمة وان كانت من غير المتفق عليها وهي ان النظام يهمه ان يبقى هؤلاء النازحون في لبنان حتى يكون اكثر حرية في عملية اعادة التشكيل الديموغرافي عنده تبعا للخريطة السياسية التي يطمح لتشكيلها على قاعدة "البقاء الى الابد".
• ان استمرار وجود النازحين السوريين في لبنان يريح النظام من الاعباء المالية والاقتصادية ويبقيهم ورقة ضغط على لبنان في اي مفاوضات مقبلة ، خصوصا وان الإرهاق الذي يصيب لبنان حكومة وشعبا واقتصادا من اليوميات الى البنى التحتية لم يعدسرا ولا موقفا عنصريا وانما هو واقع مرً …
لا يكفي كل هذا لتفسير بقاء الملف السوري يراوح مكانه بعد ١٣ اجتماعا . في الواقع لم يتقرر شيء لمستقبل سوريا … خريطة اقتحامها لم تكتمل ولم تحدد خطوطها . القوى الثلاثة المشاركة وهي الاساسيةوتضم روسيا وايران وتركيا الى جانب المشارك الغائب_الحاضر اي الولايات المتحدة الاميركية دون ان ننسى اسرائيل التي تتابع وتفاوض عبر واشنطن وموسكو تبدو متحالفة وفي الوقت نفسه متنافسة ومتصارعة حول حجم حصصها من سوريا الموضوعة على الطاولة .
اسوأ ما في التطورات ان الأطراف المعنية ضعيفة خصوصا المتداخلة منها مع القوى المعنية من دول الجوار اي ايران وتركيا .
• ايران تعاني من المقاطعة والحصار وهي تقف يوميا على حافة المواجهة المحدودة او الشاملة ولذلك فان هذاه الحالة تقنص منها الكثير من قواها وقدرتها على المواجهة وفرض شروطها وحتى مطالبها المتناسبة مه الجهود المالية والعسكرية التي بذلتها طوال ثماني سنوات وأكثر . والاسوأ بالنسبة لإيران انه رغم النفي فان موسكو ترغب بإزاحتها وعلى الأقل تخفيض حجم حصتها المستقبلية لان كل ما تفقده ايران اوتخسره في سوريا سيصب حكما في "الطاحونة الروسية" .
• تركيا الأردوغانية اليوم هي غير تركيا قبل عدة سنوات قليلة عندما انعقدت استانا _١ وصولا الى استانا _١١ مثلا . تركيا تعاني من أزمة اقتصادية تبرز في انخفاض سعر الليرة التركية ، كما تعاني من أزمة واضحة مع الولايات المتحدة الاميركية ظاهرها منظومة صواريخ S_400 و طائرات F35 . وعمقها عدم إطلاق يد تركيا في شمال سوريا والعراق ضد الاكراد … الى جانب ذلك الازمة الحزبية التي يعاني منها اردوغان بعد خسارته بلدية اسطمبول ونمو الانشقاقات داخل حزبه وصولا الى تزعم احمد داوود اوغلو الانشقاق البارز ضده …
يبقى ان موسكو ليست طليقة اليدين مثلها مثل الولايات المتحدة الاميركية . كلاهما تعرفان ان لرغباتهم حدودا لا يمكن تجاوزها . في وقت تتمتع فيه اسرائيل لاول مرة منذ إعلانها دولة بعد اغتصاب فلسطين بتحالف علني وعميق في سوريا لمصلحتها تؤكدها تفاهمات دقيقة تسمح لها بمرور طائرتها وصواريخها لقصف اي نقطة تختارها في سوريا.
قبل استانا ونور سلطان كانت جنيف … جميعها مسارات لم تنتج ولو بداية حل،وعلى الارجح ستنعقد مؤتمرات عديدة وسوريا ستبقى على طاولة التقاسم الذي سيعيد حكما خريطة تشكلها سواء دولة واحدة او فيدرالية ودائما تحت "الانتداب الروسي_ الأميركي" .
يبقى ان استمرار الحل لسوريا معلقا لا يعفي لبنان من التحضير لملفاته المتعلقة بالنازحين السوريين وكيفية التعامل مع احتمالات الحل غدا او بعد أشهر وسنوات .
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.