هل وجدت المجموعات المقاتلة في العراق في المقاومة العراقية والتنظيمات الإرهابية الوافدة مثل تنظيم "القاعدة" على أبواب انتقال السلطة في الثلاثين من الشهر الجاري، "عقب أخيل" تضرب من خلالها الولايات المتحدة الأميركية وكل مشاريعها المستقبلية في العراق؟
ضرب أنابيب النفط الموصلة للنفط العراقي الى الجنوب في ميناء البصرة، ليس جديداً، ولكنه أخذ يكتسب في الفترة الأخيرة، مكانة الهدف المستقل للمجموعات المسلحة من مقاومة وإرهابية، الى درجة وقوع عمليتين في خلال أربع وعشرين ساعة على الخط قرب الرميلة عند محطة الضخ رقم واحد التي تغذي الفاو، وإذا كان خط البصرة يقتضي إصلاحه أكثر من 48 ساعة فإن الخط الثاني يتطلب عشرة أيام كاملة.
ولا يتوقف سيناريو العمليات ضد الأنابيب، عند حدود التفجيرات المؤذية أو المدمرة، والتي من الطبيعي أن يرتفع حجم التخريب فيها مع ارتفاع درجات الخبرة على وقع تكرار العمليات واختبار مختلف أنواع المتفجرات، بل تعدت العمليات ذلك لتتناول مسؤولين على صلة مباشرة بأمن النفط حيث اغتيل غازي الطالباني المسؤول عن أمن حقول كركوك أمام منزله، كما أصبحت عمليات قتل الأجانب "المرتزقة" عملية منظمة ومتواصلة ومحسوبة جيداً تنمّ عن مراقبة ميدانية دقيقة.
ولا شك أن اعتراف مسؤولين أمام عدسات "سي أن أن"، بأن حراسة خطوط الأنابيب التي تمتد من كركوك الى تركيا "في غاية الصعوبة" وأن الهجمات المتوالية عليها تؤكد ذلك، فإن النتيجة المرتقبة لهذا الاعتراف المضاف الى المعرفة الكاملة بجغرافية هذه الأنابيب ومواطن الضعف فيها، ترجمته التصعيد اليومي، خصوصاً بعد الثلاثين من حزيران، وسيكون لهذا التصعيد إنجاز هدفين، الأول ضرب قطاع النفط الحيوي للعراق والأميركيين من جهة، والثاني جذب الأميركيين الى حيث لا يريدون ويعملون لتحقيقه بالانسحاب الى قواعد وتجمعات مختارة، أي الانشغال ميدانياً بالمراقبة الأرضية لأن الجوية لا تكفي في حال العراق وأنابيبه النفطية الممتدة مئات الكيلومترات.
والنتيجة الطبيعية لمثل هذه العمليات توجيه "ضربات قاسية" للمحاولات الأميركية الرامية الى إنعاش الاقتصاد العراقي، بعد أن أدرك الأميركيون أنهم تأخروا عاماً كاملاً للقيام بذلك، علماً أن الخسارة الناتجة من ضرب الأنابيب في العملية الأخيرة تمثل قرابة مليار دولار.
ولا شك أن تكثيف الضربات عبر عقب أخيل النفطية، لا ينضب الموارد العراقية فحسب، بل يفقد الاستراتيجية الأميركية سلاحها الذي يقضي بوضع اليد على النفط العراقي والتحكم به انتاجاً وتسويقاً، وهذه الضربة للاستراتيجية الأميركية من شأنها أن تسعد الروس والصينيين وكذلك الفرنسيين الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها وقد "سلبوا" الكنز العراقي بعد انفرادهم به طوال العقود الثلاثة الماضية.
والسؤال الآن، ماذا سيفعل الأميركيون لحماية "كنز النفط العراقي"، لئلا تتحول "عقب أخيل" هذه الى مقتل لهم؟
ربما التجربة الجزائرية أثناء العشرية السوداء من الإرهاب، تبدو مثالاً حياً، حيث نجح الجيش الجزائري في تحويل حقول النفط ومصانعه الى "جزيرة" أمنية لم تخترق سوى مرة أو مرتين وبخسائر محدودة. لكن من الآن وحتى يصبح الجيش العراقي قادراً على ذلك، فإن على الأميركيين متابعة عملياتهم وبالتالي استمرار غرقهم في المستنقع العراقي بعد الثلاثين من حزيران.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.