8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

معركة خلافة شيراك

معركة خلافة آلان جوبيه في رئاسة الحزب من أجل أغلبية رئاسية، هي "الشجرة" التي تخفي "الحرب" على خلافة جاك شيراك في رئاسة الجمهورية. ولذلك اشتعلت هذه "المعركة" بقوة رغم أن جوبيه لن يعلن انسحابه من رئاسة الحزب وبالتالي من الترشح للانتخابات الرئاسية قبل الخامس عشر من الشهر القادم. "والرياح" التي نفخت في نار هذه المعركة مرشح معروف هو نيكولا ساركوزي، السوبر وزير لوزارة الاقتصاد التي تضم أيضاً وزارتي المالية والميزانية.
آلان جوبيه، يعرف نيكولا ساركوزي، أكثر من أي مسؤول من اليمين الحاكم. فقد تعرّف عليه عام 1978، عندما أشير عليه به، ليشرح له وضع الشباب الديغولي، وهو منذ ذلك الوقت يتابعه ويرافقه. لكن هذه "الصداقة" لا تعني إلغاء حرب الأشقاء الأعداء. ذلك أن آلان جوبيه الذي يقول عنه شيراك بأنه "أفضلنا"، كان يعرف أن ساركوزي قد تحول الى خصم حقيقي لطموحاته. أما الآن وبعد قرار انسحابه نتيجة للحكم القضائي عليه فإنه يبقى وفياً لالتزامه "الشيراكي". فالمعروف أن جاك شيراك لا يريد ولا يتحمل سماع صعود ساركوزي الى رئاسة الحزب ومن ثم المنافسة على الرئاسة مرشحاً لليمين الجمهوري، ذلك أن شيراك الذي سامح ساركوزي على "خيانته"، له في الانتخابات الرئاسية يرى أن منصب "السوبر وزير" كافٍ له.
لكن نيكولا ساركوزي ابن المهاجر البولندي الذي لمع وهو في بداياته عضواً في الشباب الديغولي وصولاً الى أن يصبح مرشحاً قوياً لرئاسة الحزب الذي خلق حزب "التجمع من أجل الجمهورية" الديغولي، لم يعد يخفي طموحه، الى درجة أنه لم يعد يراعي حساسية الرئيس شيراك. وعلى طريق الأليزيه، يصيغ "ساركو" كما يطلق عليه، حلقات المؤيدين له داخل اليمين وخارجه.
فهو جمع في أسبوع واحد، وفي مقر الوزارة في بيرسي قيادات الجالية المسلمة في فرنسا، ثم 237 نائباً بينهم "شيراكيون" حتى العظم على غداء تكلم خلاله وطوال خمسين دقيقة عن الاقتصاد والانتخابات الأوروبية التي خسرها اليمين بعد خسارته لانتخابات الأقاليم. ثم عرج في نهاية الخطاب، ليلقي "الزيت على النار" قائلاً: "لن أتهرب عندما تأتي اللحظة المناسبة. وأنا لن أبقى على ضفة النهر أتفرج على أصدقائي وهم يغرقون".
دور "المنقذ"، الذي يريد أن يلعبه ساركوزي لم يكن فقط مجرد إعلان لترشحه لرئاسة الحزب وإنما كان أيضاً سهماً مسموماً موجهاً مباشرة لسيد الأليزيه جاك شيراك. يقول فيه عالياً، بأن شيراك قد أوصل الحزب ونوابه حتى حافة الغرق وهو بذلك يصبح "رباناً" فاشلاً عليه التسليم لغيره بدور القيادة.
وأمام مثل هذا التلميح والتلويح، رد "الشيراكيون" بأن هدف ساركوزي، متى تسلم رئاسة الحزب في تشرين الثاني المقبل، إجبار الرئيس شيراك على تشكيل حكومة وفاق مع الاشتراكيين. وبذلك يفقد شيراك حكماً حق إدارة الدولة كما حدث مع ليونيل جوسبان في حين يتفرغ ساركوزي للحملة الانتخابية للرئاسة واضعاً كل آلة الحزب لخدمة طموحاته. وأمام هكذا وضع فإن "الشيراكيين"، وبطبيعة الحال رئيس الوزراء جان بيار رافاران، ردوا بأنه لا يجوز الجمع بين رئاسة الحزب والحكومة، وعليه فإن على ساركوزي الاختيار بين المنصبين، كما أن محاولات فاعله تجري أيضاً لإقناعه بعدم ترشيح نفسه حتى لا يقع أمام انقسام الحزب.
ولم تقف المعركة "عند هذه الحدود. فقد أخذ العديد من الطامحين داخل الأغلبية "الشيراكية"، بالاستعداد للترشح لرئاسة الحزب. ولذلك فإن جان بيار رافاران وإن قال للمشاهدين أثناء نشرة الأخبار: "ليس لدي الطموح لأدير الحزب"، فإنه في الوقت نفسه ترك الباب مفتوحاً أمامه خصوصاً إذا ما حصل أي تغيير حكومي فقال: "سأتدخل بتصميم إذا وجدت تهديدات تنال دينامية وحدة الحزب والعودة به الى الحروب الداخلية".
وعلى طريق رافاران، تبدو ميشال اليو­ماري وزير الدفاع الحالية والرئيسة السابقة لـ"حزب التجمع من أجل الجمهورية" مرشحاً مهماً للرئاسة. وهي وإن شددت بأنها مفيدة ومنتجة حيث "هي" في وزارة الدفاع إلا أنها تباحثت كما يبدو مع الرئيس شيراك وقد أبلغته بأنها "لن تدخل في مواجهة مع ساركوزي وأن على الحزب تحديد المرشح المقبل للرئاسة".
وهي بذلك تروي ظمأها لعودة التجمع من أجل الجمهورية الى الحياة!
جان بيار رافاران رئيس الوزراء، أكد بأن "مهمتنا أن نحكم لا أن نبدأ حملة انتخابات رئاسية". لكن المشكلة أن الجميع بما في ذلك الحزب الاشتراكي يعملون وكأن هذه الانتخابات الآن وليس غداً.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00