تستبعد وزارة الخارجية الفرنسية إطلاق سراح الرهينتين الفرنسيتين كريستيان شينو وجورج مالبرونو، قبل نهاية الأسبوع الحالي، ويبدو هذا الاستبعاد جلياً، رغم التأكيدات على استمرار الأمل بانتهاء الأزمة وعودة شينو ومالبرونو الى باريس، من البرنامج الممتلئ بالمواعيد حتى مساء الجمعة لوزير الخارجية ميشال بارنييه، وذلك كما قدّمه الناطق الرسمي باسم الخارجية هرفيه لادسو.
وأمام هذا التحول، بعد التفاؤل القوي، فإن باريس دخلت في دوّامة من الأسئلة التي لا تجد لها إجابات واضحة، وأبرز هذه الأسئلة: لماذا هذا العرض العراقي الرسمي من وزير الخارجية هوشيار زيباري، لتقديم الدعم من أجل إطلاق سراح الصحافيين شينو ومالبرونو؟ وما الذي يؤخر إطلاق سراح الرهينتين، علماً أن كل المعلومات كانت تؤشر الى اقتراب ذلك خصوصاً بعد الإجماع الواسع والشامل لمختلف التنظيمات والهيئات الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي، إضافة الى الجالية المسلمة في فرنسا؟ وهل هي فعلاً العمليات العسكرية الأميركية ـ العراقية المفاجئة التي حالت دون إطلاق سراحهما؟ ولماذا اختارت القيادة الأميركية هذا التوقيت للهجوم على اللطيفية وبعدها الفلوجة، وهي كانت تعلم أن المفاوضات تجري بقوة على أكثر من مستوى للوصول الى "النهاية السعيدة"؟ ولماذا انتقل شينو ومالبرونو، من يد الى يد ومن منظمة الى أخرى؟ هل يعني ذلك تنسيقاً غير معروف بين المنظمات التي تخطف وهي ثمانية حسب المعلومات؟ وإذا لم يكن هذا التنسيق قائماً، هل تم بيع وشراء الرهينتين لتحقيق مكاسب معينة؟
وأخيراً منذ متى تطالب منظمة تخطف أجانب سواء في العراق أو خارجه ـ ولبنان شاهد كبير على ذلك كما يقول الفرنسيون ـ بدفع فدية مالية خصوصاً وأن المعروف في هذه الحالات أن الفدية تبقى بنداً سرياً لا يعلن عنه ولو بعد سنوات حتى ولو تم دفعها؟!
الأوساط الفرنسية، التي تستعيد شريط الأحداث منذ العشرين من الشهر الماضي، ترى أن وزيرة الدفاع ميشال اليو ماري هي التي التقطت حقيقة العملية عندما دعت الى "الحذر الشديد" في التعامل مع هذا الملف. وترى هذه الأوساط، أن الرهينتين شينو ومالبرونو قد انتقلا من أيدي خاطفيهم المباشرين الى منظمة "الجيش الإسلامي العراقي"، التي نقلتهم الى "اللطيفية"، ومن ثم نقلوا على وجه السرعة وبعد بدء العمليات العسكرية الأميركية الى الفلوجة وبعد المعارك الأخيرة في المنطقة نقلوا الى بغداد، حيث يصعب كثيراً تحديد مكانهم. ويستعيد الفرنسيون تجربة الرهائن في بيروت أثناء الحرب، حيث كان يمكن تحديد وجودهم في مربع محدد إلا أن إطلاق سراحهم عسكرياً كان دائماً مستحيلاً. وإذا كان ذلك في مساحة ضيقة مثل بيروت فما العمل على مساحة بغداد وتواجد سبعة ملايين نسمة؟
أمام هذا الوضع، فإن الفرنسيين يرون أن أسلوب المفاوضات الذي اتّبعوه حتى الآن، والذي يعتمد "السرية الكاملة" و"الحذر الشديد"، مع التشديد على استمرار التفاؤل، هو الأسلوب الأفضل. ولذلك رفضت الخارجية الفرنسية أي تعليق على سير المفاوضات كما اكتفى الناطق الرسمي باسم الخارجية هرفيه لادسو بالرد على عرض الزيباري "بأن فرنسا أخذت علماً. مما يعني ديبلوماسياً رفض هذا العرض، لأن باريس تخاف من أن يؤدي أي تعاون مع الحكومة العراقية الموقتة بهذا الملف الى ضرب كل إمكانية لإطلاق سراح شينو ومالبرونو، وتختم الأوساط الفرنسية بقولها: يبقى أن يكون عرض الزيباري عاملاً ايجابياً إذا كان يعلم هوية الجهة التي تحتجزهما غير المعلنة حتى الآن؟ والمهم بالنسبة لباريس أن تقع النهاية السعيدة بعودة الرهينتين.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.