بعد شهر كامل على اختطاف الصحافيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو في العراق، لا زال المسؤولون الفرنسيون يفترضون "نهاية سعيدة للعملية"، وهذا الافتراض المتفائل كما تقول مصادر فرنسية مطلعة، "يبقى تفاؤلاً حذراً بسبب الفوضى في العراق". وتضيف المصادر نفسها: "في نهاية آب الماضي، أي بعد عشرة أيام على اختطاف الصحافيين، وصلتنا آخر رسالة موثوقة من الخاطفين، بعد هذا التاريخ، لم نستطع التأكد من صحة كل الرسائل التي وجهت، خاصة عبر الانترنت".
وتشير المصادر الفرنسية التي تابعت ملف الصحافيين الى أن المجموعة التي اختطفتهما بقيت "مجموعة غامضة وذات أهداف غامضة". وربما يعود ذلك الى انتقال الصحافيين من مجموعة الى مجموعة أخرى أشد راديكالية كما تقول المصادر نفسها.
ولذلك كله لا يمكن أخذ "الرسالة" الأخيرة التي وجهت عبر الانترنت والتي كشف عنها ياسر سري مدير المرصد الإسلامي في لندن، على محمل الجد بشكل كامل. لكن ذلك لا يمنع من انها تطرح أسئلة مهمة وواقعية خاصة بعد البيان الذي صدر قبل ذلك وكان نوعاً من "المحاكمة" للسياسة الفرنسية طوال العقود الأخيرة. ومن هذه الأسئلة، هل جرى عقد اتفاق بين الخاطفين والصحافيين حول إطلاق سراحهما؟ وهل تضمن هذا الاتفاق قيام شينو ومالبرونو بتحقيقات ميدانية مع المقاتلين؟ وما هي الفترة التي سيمضيها الصحافيان في إجراء هذه التحقيقات؟ وماذا عن سلامتهما الجسدية خلال عملهما في منطقة تشهد يومياً تصعيداً عسكرياً بين القوات الأميركية والمقاتلين العراقيين والتنظيمات الإرهابية؟
وحول التصعيد المستمر في منطقة "المثلث السني"، حيث تتم أبرز عمليات الخطف تقول المصادر الفرنسية ان "مناطق واسعة من المثلث لم تعد تحت سيطرة الجنود الأميركيين وإن المقاتلين يتنقلون بأسلحتهم علانية". وأن القوات الأميركية تتبع حالياً استراتيجية "حرب المدن" أي الضرب بالطيران بقوة لفتح الطريق نحو المفاوضات والحل وذلك كما جرى في النجف.
وتقول المصادر انه في مواجهة هذا التصعيد الأميركي، فإن قادة المجموعات المقاتلة العراقية، أصبحوا يحاورون الصحافة علانية ويتكلمون بالتفصيل عن مواقفهم. وأبرز ما في هذا التصعيد أن "عمليات خطف الأجانب كانت في السابق عرضية وغير منظمة، في حين أن التوجه الحالي هو الخطف المنظم والعام، اما أخطر التطورات التي حصلت في هذا الاتجاه فهو الكلام في بيانات الخطف عن "محاكم إسلامية لمحاكمة المخطوفين بمن فيهم الصحافيان".
وأن المجموعات الخاطفة، وعلى لسان أحد المسؤولين الأمنيين فيها الذي حاور الصحافة ترى أن "المحاكمات تهدف لمعرفة من مِن الصحافيين يعمل لمصلحة المخابرات الأميركية".
أمام هذا الوضع، فإن رئيس الوزراء الفرنسي جان بيار رافاران أعلن في كلمته بمناسبة مرور شهر على اختطاف الصحافيين الفرنسيين ان "همنا هو ضمان سلامة كريستيان شينو وجورج مالبرونو. ولذلك اطالبكم بالصبر والحذر مع بقاء الثقة بحصول النهاية السعيدة"!
وأبدى وزير الداخلية الفرنسي دومينيك دوفيلبان تقاؤلاً بشأن الإفراج عن الصحافيين الفرنسيين المحتجزين في العراق منذ شهر معتبراً ان الوضع يتطور "في الاتجاه الصحيح" على ما يبدو.
وقال الوزير الفرنسي للصحافيِين رداً على سؤال حول احتمالات الإفراج عن الصحافيَين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو "نريد الاعتقاد بأن كل المؤشرات التي لدينا تسير في الاتجاه الصحيح".
إلا انه لفت على هامش زيارة الى تيونفيل لتدشين مقر الشرطة الجديد الى ان "الوضع في غاية التوتر في العراق، وفي بغداد، وان هذه الأجواء لا بد ان تلقي بظلالها على مصير رهينتينا".
وكان دوفيلبان قد أعلن لصحيفة "ريبوبليكان لوران" في حديث نشر أمس ان فرنسا مقدمة على فترة انتظار طويلة للإفراج عن الصحافيين.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.