عاد ايمن الظواهري الى فلسطين من افغانستان عبر مصر، ومهما كانت الادانة كبيرة وحقيقية حول عملية طابا، لانها ارهاب مرفوض، فان امرا واحدا لا يجب ان تحجبه عملية طابا، وهي ان "الاسلام الدولي" اذا صح التعبير، وبكل اطرافه واتجاهاته وتوجهاته الاصولية، عاد الى المركز وهو القضية الفلسطينية، ولكن في وقت تحتاج فيه اكثر ما تحتاج اليه استمرار الشعب الفلسطيني بمتابعة نضاله المستند الى مخزون شعبي استراتيجي لا مثيل له في التاريخ الحديث، وكل ذلك دون سقوط هذا النضال في مستنقع الخلط بينه وبين الارهاب القاتل لقضيته العادلة.
اسامة بن لادن، وكل من سبقه او لحقه وفي مقدمتهم ايمن الظواهري، والخمسون الفا وأكثر من الشباب العربي الذين حملوا "سيف الاسلام" الى افغانستان، وبدعم وتنسيق من الولايات المتحدة الاميركية ومخابراتها المركزية، لمحاربة "عدو الاسلام والمسلمين" الاتحاد السوفياتي، هذا "العدو" الذي كان في واقع الحال، الحليف الوحيد لنا نحن العرب، وكل ذلك بعيدا عن "قضيتنا المركزية فلسطين واراضينا العربية المحتلة في فلسطين وسوريا ولبنان.
وقد ساهم "الافغان العرب" في انهيار الحليف الوحيد لنا نحن العرب، من خلال المساهمة بتصميم وابراز التضحية مع الافغان، وجاءت كل هذه "التضحيات" اليومية في زمن كان لبنان يواجه الغزو الاسرائيلي وطرد منظمة التحرير الفلسطينية وقيام نهضة المقاومة الوطنية اللبنانية ومن ثم المقاومة الاسلامية، هذا دون الحديث عن فلسطين وارضها التي تستقي يوميا بدماء ابنائها، ومع ذلك لم يتقدم واحد من الافغان العرب، للمشاركة في هذه المقاومة، ليستقدم ويقدم "شهادته" فوق ارض المقاومة، ليعود حقا شهيدا يؤشر بدمائه الى اهله وشعوبنا العربية الى وجهة القتال الحقيقية، التي خارج هذه الارض تبقى الشهادة لا شهادة والقتال ارهابا مهما كانت عقيدة الاسلام راسخة ومتمكنة من العقل والقلب.
وعندما انتهت حرب افغانستان، وتحول بقاء هؤلاء الأفغان العرب المحاربين المؤدلجين في أفغانستان مشكلة للولايات المتحدة الأميركية، قذفت بالأفغان العرب الى بلادهم ليفجروا براكين الحروب الأهلية الكبيرة كما في الجزائر، وحروب الارهاب كما في مصر واليمن والسعودية والمغرب، وحالياً العراق انتقاماً من هؤلاء من الذين أحضرهم وأبعدهم واستغلهم وأنكرهم ثم حجرهم!
وكان من طبيعة مسار كل هذه العملية ان تنتهي بإرهاب لا يعرف الحدود ولا القواعد الضابطة لضرب المدنيين، فكانت 11 أيلول في نيويورك و11 آذار في اسبانيا وقبلها بالي في أندونيسيا والفيلبين... وعلى الرغم من أن كل هذه الأهداف بعيدة عن فلسطين، وعن الأراضي العربية المحتلة، وفي زمن لم تكن فيه الجبهات هادئة سواء في فلسطين أو جنوب لبنان، فإن افغانياً عربياً واحداً لم يسقط فوق أرض الشهادة كما تؤشر بوصلة الاسلام في القدس الشريف.
الآن اختار أيمن الظواهري ومعه القاعدة، العودة الى فلسطين. لكن هذه العودة آتية الى قلب استراتيجية الارهاب الأسود، التي لا يمكن ان تخدم فلسطين والفلسطينيين. لا بل انها ترمي الانتفاضة وهي في ادق مراحلها وأخطرها، بحجر كبير بدلاً من أن تمدهم بالمدد.
وهذا "الحجر"، يقيم الخلط بين المقاومة والارهاب المرفوض.
ورحمة بفلسطين والفلسطينيين، دعوهم يتابعون انتفاضتهم بدمائهم، وهم قادرون على استنباط وسائل المقاومة الشرعية بعيداً عن الارهاب حتى قيام الدولة الفلسطينية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.