دخل تعريف "النزاع المركزي" في الشرق الأوسط للنزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، ادبيات الديبلوماسية الفرنسية، واستتباعا الديبلوماسية الاوروبية. ففرنسا اليوم تتكلم بصفة الجمع وكأنها تتكلم عن نفسها، وبصفة المفرد وكأنها تتكلم عن اوروبا. وهذا التحول، يعود الى رؤية واضحة بأن اهمال هذا النزاع المشتعل يوميا، حوله الى "ام النزاعات" ومركز توليد لكل توجهات واتجاهات العنف حاضرا ومستقبلاً. ولذلك يكرر ميشال بارنييه منذ تسلمه وزارة الخارجية الفرنسية، انه "اصبح ملحا لنا وللمنطقة ولأوروبا، العثور على حل، لانه لم يعد ممكنا قبول الوضع الحالي".
وفي محاولة فرنسية جادة للخروج من النفق المظلم في منطقة الشرق الأوسط، فان باريس واستنادا الى مصدر فرنسي مطلع "تعد مبادرة فرنسية ـ اوروبية، للتوصل الى حل للنزاع الفلسطيني الاسرائيلي". ويضيف المصدر "ان هذه المبادرة تجاوزت مرحلة الافكار لان الافكار كثيرة وموجودة. وهي تنتظر في محطة الانتخابات الرئاسية الاميركية. اذ ان اي مبادرة يجب توافر انخراط اميركي حقيقي وكامل حتى تنجح وحاليا لا يمكن مطالبة احد في واشنطن بذلك. ويشدد المصدر على انه حتى الرئيس جورج بوش ادرك خطورة الوضع، وان الجمود الذي ظلل حركة الادارة الاميركية بما يتعلق بهذا النزاع المركزي، لن يبقى قائما. فاذا كان ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي قد فهم ان السيف وحده لن يحل هذا النزاع فكيف بالادارة الاميركية، اما اذا انتخب جون كيري فلكل حادث حديث.
وترى الاوساط الديبلوماسية الفرنسية ان اي مبادرة حول النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، يجب ان ترتكز اولا واساسا على العمل للخروج من دوامة العنف والقتل اليومية، وان يكون هدف هذه المبادرة النهائي قيام دولتين جنبا الى جنب، الأولى، دولة اسرائيل الآمنة ودولة فلسطينية قابلة للحياة. واما عماد هذه المبادرة وطريقها للحياة والنجاح فهو برأي هذه الاوساط ان يكون للاتحاد الأوروبي دور مفيد يتجاوز دوره الحالي وهو الصندوق المالي الذي يمول عمليات البناء، واعادة البناء، ولذلك يجب العثور على منهج واهداف تؤدي الى انخراط جميع الدول الاوروبية للعمل بقوة اكثر. ومن ثم العمل لدفع الولايات المتحدة الاميركية للانخراط بفاعلية والتزام اكبر وحقيقي في هذه العملية، وهذا الانخراط حيوي وضروري وبدونه تبقى اي مبادرة مثل محاولة التصفيق بيد واحدة، هذا دون الكلام عن ان الجمود والمواقف الصامتة تشجع على التهرب من المسؤولية، وترك الباب مفتوحا أمام كل أنواع التصعيد في العنف المولد مستقبليا لكل انواع الارهاب. وأخيرا وهو امر مهم جدا، العمل لكي يتكلم العرب بصوت واحد، لان التعددية في الصوت العربي ادت دائما الى منافذ للتهرب من العمل والتحرك على اساس ان احدا لا يريد ان يكون ملكا اكثر من الملك نفسه.
وعلى طريق هذه المبادرة، ترى الاوساط الديبلوماسية الفرنسية، ان اجراء انتخابات فلسطينية مهم جدا، وان على اسرائيل ان تساهم في نجاح هذه العملية، لا بل يذهب الموقف الاوروبي الرسمي كما صدر في بيان المفوضية الى تسهيل الانتخابات في القدس الشرقية. كما ان فرنسا دعت اسرائيل الى التعامل مع القيادة المنتخبة، وانه كما قال ميشال بارنييه لاسرائيل، وفي اسرائيل نفسها، يجب التعامل مع الرئيس ياسر عرفات الحاصل على الشرعية الشعبية لانه لا يمكن لاحد ان يختار عدوه، وفي الوقت نفسه فان على هذه السلطة المباشرة في اجراء الاصلاحات المطلوبة والمنصوص عليها في خريطة الطريق.
وترى باريس رسميا (وتقف المفوضية الاوروبية معها) ان الانسحاب الاسرائيلي من غزة يجب ان يستند الى العناصر الآتية:
ان يكون في اطار خريطة الطريق.
ان يشكل مرحلة لحل النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي ويقوم على وجود دولتين.
الا يؤدي هذا الانسحاب الى نقل المستوطنات الاسرائيلية باتجاه الضفة الغربية.
ان يتضمن نقلا منظما ومفاوضا عليه مع المسؤولين في السلطة الفلسطينية.
ان تساهم اسرائيل في اعادة تأهيل وبناء غزة.
وتعتبر باريس انه من الضروري تعاون الجميع اي اوروبا واسرائيل والولايات المتحدة الاميركية والدول العربية وروسيا والامم المتحدة لانجاح هذا المسار، وفي الوقت نفسه فن لمصر دورا مهما واساسيا في هذا المسار، خاصة على صعيد اعادة بناء الجهاز الامني الفلسطيني، ولذلك فان فرنسا تدعم بقوة الموقف المصري، لأن لمصر تجربة مهمة في هذا المجال، يضاف الى ذلك الجوار الجغرافي وانه من اجل انجاز هذا النجاح الذي سيؤدي حكما الى وقف التدهور وانهاء دوامة العنف ان يصاغ مشروع مواكب يكون له بعد اورو ـ عربي، والهدف من كل ذلك انجاح الانسحاب الاسرائيلي من غزة كخطوة اولى من تطبيق خارطة الطريق.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.