ينفي مصدر إيراني مطلع، أن الجمهورية الإسلامية في إيران "تريد انتاج قنبلة نووية، ودخول نادي السلاح النووي الى جانب الدولة الإسلامية باكستان". إذن، لماذا هذا الموقف الإيراني، الذي لا يمكن أن يُفهم إلا إخفاء لإرادة حقيقية في امتلاك السلاح النووي، حتى ولو أدى ذلك الى مواجهة مع الغرب الأوروبي والأميركي معاً؟
يرد المصدر الإيراني على هذا السؤال المستغرب للموقف الإيراني بالقول: "من الطبيعي أن يبطن الإيرانيون غير ما يعلنون وإذا لم يكن ذلك عملاً بطبيعة الكتمان، وحالة التقية المنتشرة في إيران، فعلى الأقل عملاً بالمثل الانكليزي الشائع: "لا تعطي سرك وأنت في المعركة"".
وأما حقيقة الوضع فهو أن طهران تعرف جيداً أن الولايات المتحدة الأميركية مستعدة للدخول في مواجهة دولية للحؤول دون دخول إيران النادي النووي. والأوروبيون الذين يسعون بكل الطرق لنزع فتيل الملف النووي الإيراني لئلا يجد المحافظون المتشددون في واشنطن الفرصة للصدام مع إيران، لا يقبلون مطلقاً أي التفاف إيراني على الاتفاق معهم والحصول خلسة على السلاح النووي. لكن طهران كما يؤكد المصدر الإيراني، تريد وهي تقبل نهائياً بعدم امتلاك القنبلة النووية، أن تمتلك "الدورة النووية الكاملة من خلال استكمال عملية تخصيب الاورانيوم وحيازة كل تقنياته. والهدف من هذه العملية كبير جداً، لأن في استحواذ الإيرانيين على الدورة النووية الكاملة، الحصول على تقنيات أكثر من 500 صناعة تقنية ومواد مثل الأدوية الخاصة بالأمراض الصعبة المتعلقة بالصدر والكبد وغيرها، إضافة الى ما يدخل في صناعة الآلات الطبية المتطورة، وما يتعلق بالتطوير الزراعي إلخ..
والى جانب ذلك تريد أن تقول للعواصم الغربية: أنا قادرة على انتاج القنبلة النووية لكنني لا أقوم بصناعتها، وذلك احتياطاً للمبادرة الأميركية التي تريد تشريعها دولياً والمتضمنة بنوداً لا تمنع حيازة السلاح النووي وإقفال عضوية النادي النووي فحسب، وإنما أيضاً إدخال مادة تمنع وتعاقب حتى مجرد امتلاك تقنيات الصناعة النووية. وهذه الإرادة الإيرانية التي تتضمن عملياً ما يطلق الإيرانيون "الدفاع المشروع عن النفس"، هي التي تجعلهم يرفضون العرض الأوروبي بمدهم بكل ما يحتاجون اليه للصناعة المدنية النووية لفترة طويلة جداً".
وهم يردون أيضاً بحسب المصدر "لماذا يجب علينا البقاء رهائن للأوروبيين أو غيرهم ونحن لدينا التقنيات والاورانيوم الخام وقد بدأنا بالاستخراج الأولي لهذه الثروة الضخمة والتي تضمن لنا مجتمعة مواجهة مستقبل بلا نفط، وانتاج أرخص الطاقة الكهربائية وأضمن للاستخدام الداخلي من النفط، والأهم أن هذه الطاقة البديلة هي أرخص بكثير من النفط الذي تنتجه إيران".
ويتابع المصدر الإيراني أن ديبلوماسية إيران في التفاوض تعتمد أساليب حياكة السجاد العجمي، أي أن الحائك الذي يُدخل الخيطان والألوان على نوله، وحده يعرف الصورة الأخيرة والتي لا تظهر أمام الآخرين، إلا عندما تكتمل اللوحة أو السجادة. ويشدّد المراقب الإيراني على "ان هذه الديبلوماسية تكتمل في معرفة القيادة الإيرانية بأن المحافظين في خطأ قاتل، ولذلك تعمل القيادة الإيرانية العارفة جيداً بتفاصيل الخلل القاتل في موازين القوى العسكرية والسياسية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية لتفادي الفخ العراقي، أي تكرار أخطاء صدام حسين ومنها موقف الرفض المستفز، والمتحصن بفقاعة الوهم القاتل أمام العالم أنه يمتلك سلاح الدمار الشامل وهو لا يملك شيئاً! فكانت النتيجة سقوطه ونظامه وإلحاق العراق بكارثة الدمار والاحتلال والحروب المستمرة!
كذلك تفادي الوقوع في الفخ الكوري الشمالي، الذي يقوم على امتلاك السلاح النووي مع القبول بالجوع الحقيقي للشعب الكوري علماً أن ظهره محمي بالصين الشعبية، التي تعتبر أمن كوريا الشمالية جزءاً من أمنها الوطني!
وأخيراً فإن طهران وهي تتجنب الوقوع في هذين الفخين وفي الوقت نفسه تصرّ على متابعة نشاطها النووي دون الوصول به الى حالة الدخول في النادي النووي، تعلم كما يقول المصدر الإيراني أنها قادرة على "وخز" العملاق الأميركي وهو "الجار العسكري لإيران" وإيلامه في العراق يومياً مما يجعل الملف العراقي في المستقبل "ورقة" مهمة على طاولة المفاوضات الشاملة، هذا دون الحديث عن أفغانستان ولبنان وفلسطين ودول آسيا الوسطى في حال وقوع المواجهة المباشرة.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.