8 آذار 2019 | 00:00

أرشيف

أزمة مصرية ـ جزائرية ظاهرها خلاف على الجامعة تثير تساؤلات حول انعقاد القمة العربية

تحولت الأزمة الصامتة بين مصر والجزائر التي تدور منذ القمة العربية في تونس، الى أزمة علنية، بدأت ملامحها تظهر في حملات متبادلة في الإعلام المصري والجزائري معاً، وانتقلت الى تصريح متلفز شديد اللهجة والمضمون لوزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بلخادم، ويتركز الخلاف العلني بين القاهرة والجزائر حول إصلاح جامعة الدول العربية، أما عمق الخلاف فهو نشاط جزائري متزايد لأخذ دور وموقع في صياغة سياسة المنطقة، بعد استعادة الجزائر عافيتها الأمنية واستقرار السلم الأهلي من جهة، وهبوط نعمة ارتفاع سعر النفط الذي رفع مدخول الجزائر الى أكثر من خمسين مليار دولار مما نشط الاقتصاد الجزائري وأدخله في حركة إعادة إعمار واسعة، كذلك شعور الجزائر بالثقة دولياً لحصولها على توافق فرنسي ـ أميركي استثنائي في دعم سياستها المنفتحة والإصلاحية، وأخيراً إدراك الجزائر أن دولاً عربية عديدة تدعم مطالبها الإصلاحية لجامعة الدول العربية.
ويبدو ان "كسر" الوزير الجزائري بلخادم لأحد المحرمات بالنسبة لمصر عندما أعلن "رفض الجزائر لأن تكون الجامعة العربية ملحقة بوزارة الخارجية المصرية". قد أثار القاهرة وأشعل الحملات الصحافية المتبادلة. وقد أخذت مصر بعين الاعتبار ان بلخادم ليس وزيراً عادياً، وانما هو "رأس الحربة" للتيار الإسلامي ـ العروبي في الجزائر ولذلك فإن حديثه عن مصر يكتسب أهمية وخطورة تتجاوزان أي حملة تصدر من وزير آخر له ميول فرنكوفونية.
وكان بلخادم قد ركز في لقاء تلفزيوني مطول في الجزائر على ضرورة "انتخاب أمين عام جامعة الدول العربية" والتخلص من ديكتاتورية القرارات الأحادية التي تتخذ في الجامعة" ووجوب "إعادة النظر في ميثاق الجامعة الذي تجاوزه الزمن لانه يعود الى العام 1945".
وترى مصادر عربية مطلعة، أن "استياء مصر من الكلام الجزائري حول جامعة الدول العربية، يعود الى أن وراء هذا التحرك نوعاً من الهجوم الاستباقي للاستحقاقات القادمة. ذلك أن الجزائر ستتسلم رئاسة جامعة الدول العربية في القمة المقرر انعقادها في 22 آذار (مارس) المقبل. والمعروف أن اجندة الرئاسة تكتسب أهمية كبيرة إذا كانت هذه الرئاسة متحركة ومؤثرة وبإمكان الرئاسة من خلال المبادرات التي تقوم بها تحويل الموقع الى موقع مؤثر قادر على التغيير من خلال الطرح المباشر من موقعها المتميز".
وتضيف هذه المصادر العربية، أن "الاستحقاق الثاني المهم هو 15 أيار (مايو) من العام 2006 عندما تنتهي مدة ولاية عمرو موسى كأمين عام لجامعة الدول العربية، في وقت يتجه فيه موسى الى عدم التقدم بطلب لتجديد ولايته نتيجة لشعوره بالعجز واليأس من احداث تغيير يخرج الوضع العربي من حالته السوداء الراهنة".
ولأن ميثاق الجامعة كما تقول المصادر العربية نفسها لا ينص على هوية الأمين العام وانما فقط على تحديد مقر الجامعة وهو القاهرة، فإن ذلك يفتح الباب نحو "معركة" حقيقية في مسار التغيير. ومما يعزز هذا القلق المصري، أن الجزائر، وكما أشار بلخادم، تعمل على قيام تكتل مغاربي يدعم توجهها "الإصلاحي"، ولذلك فإنها دعت وزراء خارجية دول المغرب العربي لعقد اجتماع على حدة قبل انعقاد القمة العربية، وايضاً قبل انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة. كما أن الجزائر وفي مسار واضح لدعم موقفها تعمل باتجاه تقوية علاقاتها على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية مع المغرب، بمعزل عن خلافها معه حول الصحراء الغربية. وفي إطار ذلك فإن الظروف تبدو ناضجة لعقد قمة جزائرية ـ مغربية طال انتظارها مغاربياً وأوروبياً. ويبدو أن زيارة رئيس وزراء المغرب ادريس جطو الى الجزائر ستمهد لانعقاد هذه القمة. ومن جهة اخرى تعمل الجزائر على حل الخلاف الليبي ـ الموريتاني الناشئ عن اتهام موريتانيا لليبيا بلعب دور في محاولة الانقلاب الأخيرة وذلك رغم رفض القذافي لهذه الوساطة، ولذلك فإن الرباط اتجهت كبديل لهذه الخطوة المنفردة، نحو طلب عقد قمة مغاربية قد تخرج الاتحاد المغاربي من غرفة العناية الفائقة التي طال وجوده فيها منذ سنوات.
وأمام هذا التحرك الجزائري على جبهة المغرب الكبير، تشعر مصر كما تقول المصادر العربية انها هي المستهدفة مباشرة دوراً وموقعاً في المنطقة وان موضوع جامعة الدول العربية وإصلاحها ليس سوى وسيلة لهذا الهجوم. وأمام هذا الوضع الذي يزداد تأزماً، ويؤشر الى قيام جبهة مغاربية في مواجهة مصر ومن سيقف في المشرق معها، فإن مسألة انعقاد القمة أولاً ونجاحها ثانياً يصبح موضع تساؤلات جدية!

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2019 00:00